المشكلة الاقتصادية Economic problem التي تواجه المجتمعات البشريّة اليوم هي ما يحاول الاقتصاديون حله، وتكمن المشكلة الاقتصاديّة في الفجوة بين الموارد المحدودة والرغبات الإنسانيّة غير المحدودة، لذلك تتم محاولات السعي لإيجاد التوازن بين الرغبات والموارد وتحقيق الاستغلال الأمثل للموارد لتنفيذ أفضل الرغبات وتحقيق الأولويات، ويطرح هذا المقال مفهوم المشكلة الاقتصاديّة وعلاقة المشكلة الاقتصادية بتكلفة الفرصة البديلة وأسباب المشكلة الاقتصادية وحلول الأنظمة الاقتصادية للمشكلة الاقتصادية وأسئلة العالم صامويلسون لحل المشكلة الاقتصاديّة.[١]


ما هي المشكلة الاقتصادية؟

المشكلة الاقتصادية Economic problem أو ما تسمى أيضًا بمشكلة النُدرة Scarcity problem، وهي مشكلة متعلقة بكيفية استخدام الموارد المحدودة أو النادرة والتي يمكن أن تنفد لتلبية حاجات ورغبات المجتمع غير المحدودة، والذي يعني أنَّه لا يوجد حد لكمية السلع والخدمات التي يرغب الناس في استهلاكها، فيُتطلب من ذلك اتخاذ قرارات حول كيفية تخصيص واستغلال الموارد بكفاءة من أجل تلبية الاحتياجات الأساسيّة وأكبر عدد ممكن من الاحتياجات الإضافية.[٢][٣]


المشكلة الاقتصادية وتكلفة الفرصة البديلة Economic problem and opportunity cost

تتعلق المشكلة الاقتصاديّة بالفجوة بين الموارد المحدودة والنادرة وبين الحاجات والرغبات غير المحدودة، بالتالي يجب استغلال هذه الموارد النادرة استغلالًا أمثلًا من خلال الاختيار بين البدائل المتنافسة، ويترتب على هذه الخيارات تكلفة الفرصة البديلة أي التكلفة بسبب التضحية بالخيار الأخر بسبب تحقيق أحد الخيارات أو البدائل، لذلك وبسبب وجود تكلفة للاختيار يجب على الأفراد اختيار أفضل السبل لاستخدام مهاراتهم وجهودهم ويجب على الشركات والمنشآت اختيار أفضل السبل لاستخدام عمّالهم وآلاتهم، وعلى الحكومة اختيار أفضل السبل لاستخدام أموال دافعي الضرائب، ويؤدي اتخاذ خيار اقتصاديّ إلى التضحية لأنَّه يجب التخلّي عن البدائل، أيّ يؤدي الاختيار إلى فقدان المنفعة التي كان سيوفرها البديل.[١]


ما هي أسباب المشكلة الاقتصادية؟

هنالك ثلاث أسباب رئيسة لوجود المشكلة الاقتصادية، في ما يأتي بيانها:[٤]


ندرة الموارد Scarcity of Resources

من أهم أسباب وجود المشكلة الاقتصادية أنَّ الموارد المختلفة مثل الأرض والعمل ورأس المال وغيرها محدودة، ومشكلة الندرة في الموارد عالميّة وتنطبق على جميع الأفراد والمنظمات والدول، ولهذا لا يستطيع أي اقتصاد إنتاج كل ما يرغبه الناس ويحتاجونه على الرغم بأنَّه لن يكون هنالك مشكلة اقتصادية إذا لم تكن الموارد شحيحة.


الرغبات البشرية غير المحدودة Unlimited Human Wants

لا تنتهي رغبات الإنسان أبدًا فهذه الطبيعة البشريّة، لذلك لا يمكن إشباع الرغبات تمامًا بسبب أنَّه بمجرد أن يتم إشباع رغبة واحدة ستظهر رغبة جديدة أخرى تحتاج للإشباع، وبسبب أنَّ رغبات الناس غير محدودة وتستمر في التكاثر بالتالي لا يمكن إشباعها بسبب محدوديّة الموارد، ويلاحظ أيضًا أنَّ الاحتياجات البشريّة تختلف في الأولويات، وذلك بسبب اختلاف شدّة الرغبات بالنسبة للأفراد، أي بعض الرغبات أكثر أهمية وإلحاحًا بالنسبة لفئة مقارنة بفئة أخرى، ولهذا السبب يخصص الناس مواردهم حسب الأفضلية لإشباع بعض رغباتهم، فإذا كانت كل الرغبات البشرية على نفس القدر من الأهمية لكان من المستحيل اتخاذ القرار بالاختيار بينها.


الاستخدامات البديلة Alternate Uses

لأنَّ الموارد ليست نادرة فحسب بل يمكن استغلالها في استخدامات مختلفة جعل ذلك من عملية الاختيار بين الموارد أمرًا بالغ الأهمية، على سبيل المثال لا تستخدم المنتجات النفطية في المركبات فقط بل تستخدم لتشغيل الآلات والمولدات أيضًا، ونتيجةً لذلك يجب على الاقتصاد الاختيار بين الاستخدامات البديلة للموارد المعينة وتحمل تكاليف هذا الاختيار.


ما هي حلول الأنظمة الاقتصادية للمشكلة الاقتصادية؟

بسبب التوزيع غير المتكافئ للموارد الطبيعيّة والندرة لهذه الموارد ووجود رغبات وحاجات غير محدودة للمجتمع كل ذلك يعيق إنتاج السلع والخدمات في الاقتصاد، لذلك ترى الأنظمة الاقتصاديّة وهي النظام الرأسماليّ والاشتراكيّ والمختلط ضرورة إيجاد الحلول المثلى لهذه المشكلات كلًا حسب رأيه، وتستخدم جميع الأنظمة إحدى الطريقتين المهمتين لحل هذه المشكلة وغيرها من المشاكل الاقتصادية، وهما طريقة اعتماد آلية التسعير الحر وطريقة نظام الأسعار الخاضع للرقابة أو تدخل الدولة، وفي ما يأتي توضيح الحلول التي تقدّمها الأنظمة الاقتصاديّة للمشكلة الاقتصاديّة:[٥]


حلول النظام الرأسمالي للمشكلة الاقتصادية

يرى النظام الرأسمالي أنَّ سبب المشكلة الاقتصاديّة هو محدوديّة الموارد وقلّة العوامل الإنتاجيّة، ووجود رغبات إنسانيّة غير محدودة، لذلك يرى النظام الرأسماليّ أنَّ الحل للمشكلة الاقتصادية يكمن في التوزيع الأمثل للموارد على أساس تخصيص الموارد المختلفة باعتماد آلية التسعير الحر، حيث يتم تحديد أسعار السلع والخدمات المختلفة بما في ذلك سعر عوامل الإنتاج بمساعدة قوى العرض والطلب.


تساعد آلية التسعير الحر المنتجين على تحديد نوعية الإنتاج، أي يتم إنتاج السلع الأكثر طلبًا والتي يمكن للمستهلكين إنفاق المزيد عليها والشراء منها بكميات أكبر من كميات السلع والخدمات التي لها طلب منخفض في السوق، ويساعد سعر عوامل الإنتاج في تحديد تقنيات الإنتاج أو طرق الإنتاج فيتم استخدام العوامل أو التقنيات التي لها سعر أقل نسبيًا في السوق، ويجب ملاحظة أنَّ آلية التسعير الحر التي يعتمد عليها النظام الرأسماليّ كحل للمشكلة الاقتصاديّة تعمل بشكل جيّد فقط في حالة وجود منافسة حرة وعدم وجود تعكير للتدفق الطبيعيّ بين الطلب والعرض للسلع أي عدم التدخل بالأسواق من أي جهة.


حلول النظام الاشتراكي للمشكلة الاقتصادية

بالنسبة للنظام الاشتراكيّ تحدث المشكلة الاقتصاديّة بسبب انعدام العدالة والكفاءة في عمليات توزيع الإنتاج، فقد ظهر النظام الاشتراكيّ كردة فعل على السلبيات التي نتجت بسبب النظام الرأسماليّ، لذلك في ظل النظام الاشتراكيّ تلعب الحكومة دورًا مهمًا في صنع القرار، من خلال التعهد بالتخطيط والمراقبة والتنظيم لجميع الأنشطة الاقتصاديّة الكبرى لحل المشكلة الاقتصاديّة، ويتم صياغة وتنفيذ جميع السياسات الاقتصاديّة الرئيسي من قبل جهاز التخطيط المركزيّ.


يستخدم النظام الاشتراكي طريقة نظام الأسعار الخاضع للرقابة أو تدخل الدولة كحل للمشكلة الاقتصادية، وذلك من خلال اتخاذ سلطة التخطيط المركزيّة القرار بالنسبة لطبيعة السلع والخدمات التي سيتم إنتاجها حسب الموارد المتاحة وأولوية الدولة، ويتم تخصيص الموارد بحجم أكبر للسلع الأساسيّة للدولة، ومن أهداف النظام الاشتراكي تحقيق النمو والمساواة واستقرار الأسعار في الدولة، وتحقق أهدافها من خلال تنفيذ الحكومة للسياسات الماليّة مثل السياسة الضريبيّة وسياسة الإنفاق وسياسة الدين العام أو سياسة تمويل العجز، ويتم تحديد طرق الإنتاج أو تقنيات الإنتاج واختيارها من قِبل سلطة التخطيط المركزيّة من خلال اتخاذها القرار في ما إذا كان سيتم استخدام تقنية العمالة المكثفة أو تقنية رأس المال المكثّف للإنتاج.


وعند تحديد الطريقة المناسبة للإنتاج تؤخذ الظروف الاجتماعيّة والاقتصاديّة للاقتصاد بعين الاعتبار، ويلاحظ أنَّه في ظل النظام الاشتراكيّ تهدف كل حكومة إلى تحقيق العدالة الاجتماعيّة من خلال أعمالها وامتلاكها لجميع الموارد الاقتصاديّة، ويمكن للناس العمل بأجور تنظمها الحكومة حسب كفاءة العمل ويحدد الدخل المكتسب إجمالي الطلب في الاقتصاد، ممّا يساعد الحكومة في تقييم الطلب على السلع والخدمات من قِبل فئات الدخل المختلفة.


حلول النظام المختلط للمشكلة الاقتصادية

عمليًا لا يوجد نظام رأسماليّ ولا نظام اشتراكيّ في المجمل، حيث إنَّ لكلا النظامين الاقتصاديين قيودًا، وبالتالي ظهر نظام اقتصاديّ جديد كمزيج من النظامين الرأسمالي والاشتراكيّ يسمى النظام المختلط، ويُعرَّف النظام المختلط بأنَّه نظام اقتصادي يتعايش فيه القطاعان الخاص والعام ويعملان جنبًا إلى جنب من أجل تحقيق الرفاهيّة للدولة وإيجاد حلول للمشكلة الاقتصاديّة.


في ظل الاقتصاد المختلط يتم حلّ المشكلة الاقتصاديّة بمساعدة آلية التسعير الحر وطريقة نظام الأسعار الخاضع للرقابة أو تدخل الدولة معًا، حيث إنَّ آلية التسعير الحر تعمل داخل القطاع الخاص ومن ثمّ يُسمح للأسعار بالتغيّر حسب الطلب والعرض للسلع لذلك يمكن للقطاع الخاص إنتاج سلع حسب الطلب والسعر في السوق، ويمكن للحكومة أن تتحكم في إنتاج القطاع الخاص وتنظمه من خلال سياستها النقديّة أو الماليّة، ويتم استخدام نظام الأسعار الخاضع للرقابة أي التخطيط الاقتصاديّ للقطاع العام من قِبل هيئة التخطيط للسلع والخدمات التي سيتم إنتاجها في القطاع العام وتُحدد من قِبل سلطة التخطيط المركزية.


يحدد القطاع الخاص تقنية الإنتاج أو طريقة الإنتاج في قطاعه على أساس أسعار العوامل الإنتاجية، ويحدد القطاع العام تقنية الإنتاج أو طريقة الإنتاج من قِبل سلطة التخطيط المركزيّة، وعند تحديد أسلوب الإنتاج للقطاع العام تعد الأولويّة الوطنيّة والسياسة الوطنية للتشغيل والأهداف الاجتماعيّة من الاعتبارات الرئيسة عند الاختيار.


وتحقيقًا لهدف توزيع الموارد بالطريقة المُثلى يُخصص القطاع الخاص موارده لإنتاج السلع التي يطلبها الأشخاص الذين يتمتعون بقوة شرائية عاليّة، ويخضع الإنتاج في القطاع الخاص في بعض الأحيان للسيطرة والتنظيم من قِبل الحكومة من خلال سياسات مختلفة مثل سياسة الترخيص والسياسة الضريبيّة والدعم، كما قد يتجاوز السعر الذي تحدده آلية التسعير الحر القوة الشرائيّة لمجموعة الدخل المنخفض وبالتالي فقد تضطر الحكومة لإنتاج بعض السلع كما يتم إدخال سياسة التقنين لتوفير السلع الأساسيّة بأسعار معقولة للفقراء وبالتالي تضمن الحكومة العدالة الاجتماعيّة من خلال أعمالها في النظام المختلط.


ما هي أسئلة صامويلسون لحل المشكلة الاقتصادية؟

يهتم الاقتصاد بالتعامل مع كيفية تخصيص الموارد في المجتمع لتحقيق الاستخدام الأكثر كفاءة وعدالة للموارد، ويُنسب إلى العالم بول صامويلسون Paul Samuelson الحائز الأول على جائزة نوبل في الاقتصاد تقديم أول تفسير واضح وبسيط للمشكلة الاقتصاديَّة، أي أنَّه من أجل حل المشكلة الاقتصادية يجب على المجتمعات أن تسعى للإجابة على ثلاثة أسئلة أساسية: ماذا ننتج وكيف ننتج ولمن ننتج، وفي ما يأتي بيانها:[١][٦]


ماذا ننتج؟ ?What to produce

يتعين على المجتمعات أن تقرر أفضل مجموعة من السلع والخدمات لتلبية رغبات شعبها واحتياجاته المتنوعة، ويجب أن تقرر كميات الموارد المختلفة التي ينبغي تخصيصها لهذه السلع والخدمات.


كيف ننتج؟ ?How to produce

يجب على المجتمعات أن تقرر أفضل مجموعة من العوامل والآليات لإنشاء الناتج المرغوب فيه من السلع والخدمات، على سبيل المثال معرفة مقدار الأرض والعمالة ورأس المال التي يجب استخدامها لإنتاج سلع استهلاكية مثل أجهزة الكمبيوتر والسيارات، أي المعرفة التامّة بكيفية إنتاج كل سلعة واحتياجاتها من الموارد.


لمن ننتج؟ ?For whom to produce

تحتاج جميع المجتمعات إلى تحديد من الذي سيستفيد من ناتج نشاطها الاقتصاديّ، ومقدار ما سيحصلون عليه، وهذا ما يسمى بمشكلة التوزيع بعد الإنتاج.


المراجع

  1. ^ أ ب ت "The economic problem", economicsonline, Retrieved 10/10/2021. Edited.
  2. THE INVESTOPEDIA TEAM (7/5/2021), "Scarcity", investopedia, Retrieved 10/10/2021. Edited.
  3. "basic economic problem", economicshelp, Retrieved 10/10/2021. Edited.
  4. smriti chand, "the 3 main reasons for the existence of economic problems", yourarticlelibrary, Retrieved 10/10/2021. Edited.
  5. shikha a, "Solution to the Basic Economic Problems: Capitalistic, Socialistic and Mixed Economy", economicsdiscussion, Retrieved 10/10/2021. Edited.
  6. Tejvan Pettinger (20/11/2020), "examples of economic problems", economicshelp, Retrieved 10/10/2021. Edited.