ينشأ العجز في الموازنة Budget Deficit عند البدء برصد مبالغ للنفقات المتوقع تحملها خلال فترة زمنية بشكل أكبر من المبالغ المتوقع اكتسابها كإيرادات لنفس هذه الفترة، ويسمى الفارق بين النفقات والإيرادات في هذه الحالة عجزًا، وتسمى الموازنة عاجزة أو نقول أنَّ هنالك عجزًا في الموازنة، فمفهوم عجز الموازنة يعني تجاوز الإنفاق المتوقع تكبده لفترة زمنية محددة عن الإيرادات المتوقع أن يتم تحصيلها لنفس هذه الفترة، ويمكن أن يكون هذا العجز في الميزانيّة للحكومات كالموازنات العامة للدول أم للأفراد والمؤسسات>


ويعد العجز من المؤشرات التي يتم الاعتماد عليها في التحليلات الاقتصاديّة للدول ويمكن أن يحمل العجز أكثر من معنى معظمها سلبيّة للمحللين والخبراء، وتحمل معنى سلبي فقط عند الأفراد وهو توقع لزيادة الرسوم والضرائب المدفوعة للحكومات أو ارتفاع أسعار السلع والخدمات نتيجة انخفاض إنفاق الحكومة لدعم هذه السلع،[١] لذلك كيف ينشأ العجز في الموازنة؟ وكيف تقوم الحكومات بمعالجة هذا العجز؟ وما هي آثاره الاقتصاديّة؟


كيف ينشأ العجز في الموازنة؟

في الظروف الطبيعية، يبدأ العجز تدريجيًا بالظهور عندما تعجز الإيرادات الحكومية والتي تشكل الضرائب النسبة الأكبر منها عن دفع النفقات، سواءً أكانت نفقات ضروريّة كزيادة الإنفاق على الرعاية الطبيّة والضمان الاجتماعيّ نتيجة لزيادة عدد السكان وتسمى حين إذ نفقات التسيير والذي يؤدّي تخفيضها إلى حدوث مشكلات كبيرة جدًا تنشأ على المدى القصير جدًا ويصبح من المستحيل تخفيضها، أم كنفقات التجهيز أو الاستثمار التي تُنفق على البنى التحتية، والاستثمار للدولة التي يمكن تخفيضها ولكنَّها تؤثر على النمو الاقتصاديَ للدولة على المدى البعيد.


ولكن، هل من الممكن أن يبدأ العجز بدون سابق إنذار بشكل كبير؟ الإجابة نعم، فقد ينشأ العجز فجأةً مع ظهور ظروف استثنائيّة كالحروب، والكوارث الطبيعيّة كالفيضانات والزلازل، أو الكوارث الصحيّة كالأوبئة وجائحة كورونا هي خير دليل، وبالتالي فإنَّ عجز الميزانية ينشأ عن الكثير من العوامل أهمها:[٢]


الإعفاءات الضريبية tax exemption

تمنح الدولة بعضًا من الإعفاءات الضريبيّة بهدف تشجيع الاستثمار في الدولة بحيث تصبح المؤسسات أكثر قدرة على التوظيف لتخفيف نسب البطالة.


الناتج المحلي الإجمالي gross domestic product

إنَّ انخفاض الناتج المحليّ الإجماليّ أي الأموال التي يتم جنيها على مستوى الدولة سيؤدّي إلى انخفاض الإيرادات الضريبيّة.


سوء تصميم الهيكل الضريبي bad tax structure

وتنشأ حينما يتم فرض ضرائب مرتفعة على سلع من المفترض أن تفرض عليها ضرائب منخفضة أو العكس، أو تفرض ضرائب غير مدروسة على الدخل للأفراد أو خلل في نسب الضريبة بحيث تتساوى هذه النسبة بين أصحاب الدخل المرتفع والمنخفض أم العكس.


الإنفاق على الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي social security and medical care spending

ويعزى ذلك إلى ارتفاع نسب السكان أو نسب الشيخوخة والمتقاعدين.


الإنفاق العسكري military spending

يزيد الإنفاق العسكريّ في حالات الحروب والمنازعات الدوليّة ويمكن أن يعود ذلك إلى أسباب سياسية مختلفة.


الظروف الاستثنائية exceptional circumstances

كالحروب والكوارث الطبيعيّة والصحيّة.


كيف تقوم الحكومات بمعالجة هذا العجز؟

تعمل الحكومات جاهدة لتقليص هذا العجز من خلال عدد من الإجراءات الآتية:[٣]


زيادة الضرائب Tax raising

تقوم الحكومة بهذا الإجراء لفرض ضرائب بنسب أعلى على السلع والخدمات لمحاولة تحصيل قدر أكبر من الإيرادات لمواجهة هذا العجز بشكل سريع.


تقليل النفقات reduce spending

ولا يقصد هنا بنفقات التسيير كالرواتب الأساسيّة والرعاية الصحيّة والضمان الاجتماعيّ ولكنَّ النفقات الأخرى التي يمكن تخفيضها سواء أكانت دعمًا حكوميا أم نفقات على الاستثمار الحكوميّ.


طباعة النقود money printing

وهو إجراء نادر الاستخدام لانطوائه على عدد كبير من المخاطر أهمها ارتفاع نسب التضخم بشكل كارثيّ وبالتالي فقدان قيمة العملة الوطنيّة.


النمو الاقتصاديّ economic growth

وهو أفضل خيار وأسلم حل ومع ذلك فإنَّ مشكلته تكمن نتائجه تظهر على المستويات المتوسطة والبعيدة في ظل وجود حكومات تبحث عن الحلول السريعة ولا تملك خططًا طويلة الأجل.


ما هي الآثار الاقتصادية لعجز الموازنة؟

إنّ مشكلة عجز الموازنة وتصنيفها كأهم المعضلات الاقتصاديّة للحكومات على مستوى العالم يؤكد لنا أنَّ لها آثار اقتصاديةً كبيرةً سلبيةً كانت أم إيجابيةً، ويمكننا استخلاص أهم هذه الآثار على النحو الآتي:[٤]


مزاحمة الاستثمار الخاص crowding out effect

تطمح المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلى الحصول على تمويلات استثماريّة لضمان سير أو توسعة أعمالها، ولكن في حالة عجز الموازنة فإنَّ الحكومة تطرح سندات الخزينة للحصول على القروض مقابل الفوائد؛ وبالتالي فإنَّ اتجاه المستثمرين في هذه الحالة سيكون إلى الاستثمار في شراء السندات الحكوميّة لكونها مضمونة فتقل نسبة حصول المؤسسات الاقتصاديّة الصغيرة على هذه الاستثمارات.


زيادة الديون debt raising

حين وجود عجز في الموازنة يصعب على الدولة تقليل النفقات أو زيادة الإيرادات فتلجئ إلى الديون بشكل مستمر مما يؤدّي إلى زيادة في الديون.


ارتفاع نسب الفائدة higher interest rates

ومع الاقتراض المستمر وطرح سندات بشكل متكرر في الأسواق تصبح نسب الفائدة المعروضة غير مشجّعة للاستثمار أو غير مغرية للمستثمرين فتقوم الحكومة بزيادة نسب الفائدة المدفوعة لجذب أكبر عدد من المستثمرين في هذه السندات فتزداد أسعار الفائدة بالسوق ككل.


ارتفاع مدفوعات الفوائد higher interest payments

ومع ازدياد الديون تزداد مدفوعات الدولة لتشكل جزءًا كبيرًا من نفقات الدولة فيذهب جزء من نفقات الدولة كنفقات تسيير والجزء الأكبر يذهب كفوائد على الديون.


النمو الاقتصادي قصير الأجل short term economic growth

وتكون هنا حالة إيجابية بل وقد تعمد الحكومات على خلق عجز في الموازنة لزيادة النمو الاقتصاديّ في الدولة خصوصًا في حالات الركود فتقترض لزيادة الإنفاق لخلق حالة من الطلب لإنهاء مرحلة الركود ومنع تحوله إلى كساد، ويمكن أن يعود هذا العجز بتقليل الإيرادات الحكوميّة بشكل متعمد وذلك لزيادة الإعفاءات الضريبيّة على الاستثمار الذي تؤدّي إلى زيادة النمو الاقتصاديّ وتحسين الحالة الاقتصاديّة للدولة على المدى البعيد، ويمكن أن ينتج عنها آثار سلبية إذا كان هذا الإنفاق غير مدروس فيؤدّي إلى زيادة المعروض النقديّ وبالتالي ارتفاع مستويات التضخم.


المراجع

  1. KIMBERLY AMADEO (31/7/2021), "Budget Deficits and How to Reduce Them", thebalance, Retrieved 26/9/2021. Edited.
  2. "What Is a Budget Deficit? Deficit Causes & Solutions", mint.intuit, 21/4/2021, Retrieved 26/9/2021. Edited.
  3. ADAM BARONE (16/4/2021), "Budget Deficit", investopedia, Retrieved 26/9/2021. Edited.
  4. PAUL BOYCE (29/10/2020), "Budget Deficit Definition", boycewire, Retrieved 26/9/2021. Edited.