ما المقصود بالقطاع العام؟

يشير مفهوم القطاع العام Public Sector إلى جزء من النظام الاقتصاديّ الذي تتحكم به الحكومات الوطنيّة أو المحليّة، وتموله بشكلٍ مباشر من خلال الإيرادات الضريبيّة، ويقدّم هذا القطاع العديد من الخدمات للحكومة في غالبية البلدان، ويشمل هذا القطاع العديد من الخدمات كالبنى التحتيّة، إدارة المياه والرعاية الصحيّة، بالإضافة إلى الخدمات الأمنيّة والدفاع الخاص بالدول، فقد كان القطاع الخاص منحصرًا في القوات المسلحة والشرطة والخدمات البريدية وما إلى ذلك، إلا أنَّه في القرن التاسع عشر تجرأ الأوروبيون على ضم خدمات أخرى إلى القطاع العام بما فيها ما تم ذكره من الصحة والتعليم وغيرها، هذا ويعد الفرق الأساسيّ بين القطاع العام والقطاع الخاص هو أنَّ القطاع العام لا يسعى إلى تحقيق الأرباح كهدف أساسيّ لعملياته كما هو الحال في المؤسسات التابعة إلى القطاع الخاص، ويستخدم مصطلح القطاع العام للأغراض التحليليّة بحيث يتم إنشاء خرائط توضح نطاق وحجم أنشطة الدولة في داخل الاقتصاد، مما يساعد المستثمرين على فهم الوضع الاقتصاديّ للدولة التي سيستثمرون أموالهم فيها كنوع من الاحتراز.[١][٢]


ما هي أنواع مؤسسات القطاع العام؟

يتضمن القطاع العام العديد من المؤسسات التابعة للحكومات، بحيث تقوم بالسيطرة عليها وإدارتها وتمويلها لدعمها في تنفيذ الأنشطة ودفع أجور الموظفين بالإضافة إلى إتمام عمليات الإنتاج فيها، هذا ويوجد ثلاثة أنواع رئيسة للمؤسسات في القطاع العام يمكن تحديدها من خلال ما يأتي:[٣]


أولًا: التعهدات الإدارية

تعد التعهدات الإداريّة أحد أقدم أشكال المؤسسات العامة، ويشار إليها باسم الإدارة الحكوميّة، ويعتمد وجود هذه المؤسسات على الحكومات والوزارات التي تسيطر على أعمالها، ويتمثل هذا النوع من المؤسسات في خدمات الاتصالات، والبريد بالإضافة إلى النقل وما إلى ذلك، وتعد الحكومات مركزيّة مسيطرة بشكل كامل على عمل هذه المؤسسات حيث تمتلك الحق في الوصول إلى خزنة العائدات، علاوةً على ذلك فإنَّ الحكومات تقوم بتمويل هذه التعهدات الإداريّة، والجيد في هذا النوع من المؤسسات هو سهولة تشكيلها، كما أنَّ مساءلة هذه المؤسسات تعد عالية كونها مسؤولة من قِبل الحكومات، وتناقش القرارات المتعلقّة بها باستمرار لديهم.


ثانيًا: المؤسسات القانونية أو النظامية

يشير هذا النوع من المؤسسات إلى أنواع القطاع العام التي تشكلت من خلال الإجراءات الخاصة بالسلطة التشريعيّة أو الهيئات التشريعيّة الحكوميّة في الدولة، حيث تقوم الحكومات بتمويل هذا النوع من المؤسسات من تعهدات القطاع العام، وتقوم الهيئات والسلطات التشريعيّة الحكوميّة بتحديد أهداف هذه المؤسسات، مصلاحها، قيودها بالإضافة إلى حقوقها، ومن الأمثلة عليها وزارات العدل والمؤسسات المسؤولة عن النفط والغاز الطبيعيّ وما إلى ذلك.


ثالثًا: الشركات الحكومية

ويمثل هذا النوع نوعًا من المؤسسات التي تمتلك فيها الحكومات ما نسبته لا تقل عن 51% من الأسهم المدفوعة فيها، ويتبع هذا النوع من مؤسسات القطاع العام الأحكام التي تطبّق في الشركات الأخرى، كما هو الحال في الشركات المسجلة بسجل رسميّ، وتهدف الحكومات من خلال السيطرة على هذه المؤسسات عدم السماح لها بالسيطرة على السوق أو القيام بحركات الاحتكار وما إلى ذلك، وفي أغلب الأحيان، فإنَّ هذه المؤسسات تقوم بإنتاج المنتجات أو تقديم الخدمات المهمّة والأساسيّة للأفراد في الدولة.


ما هي خصائص القطاع العام؟

بناءً على الأثر الكبير الذي يقوم به القطاع العام على القرارات الحكوميّة والاقتصاد الخاص بكل دولة، والذي ينعكس بدوره على حياة الأفراد، فقد تم تحليل خصائص القطاع بشكلٍ عام لتوضيح طبيعة البيئة التي يتم التعامل معها، ومن خلال ما يأتي سيتم ذكر أبرز هذه الخصائص:[٤]


أولًا: الملكية الحكومية

تعد كافّة المؤسسات في القطاع العام مملوكةً إلى حكومات الدول، وإن لم يكن ذلك بشكل تامّ فإنَّها تمتلك ما لا يقل عن 51% من حصص الأسهم في تلك المؤسسات؛ مما يجعلها الطرف المسيطر بشكلٍ دائم.


ثانيًا: الإدارة والرقابة الحكوميّة

حيث تم تطوير هيئة مستقلة مسؤولة عن الرقابة تديرها وتمتلكها الحكومات، فتقوم الحكومات بالسيطرة على المؤسسات من خلال تعيين الموظفين الرئيسيين فيها كمجلس الإدارة والإداريين وما إلى ذلك، فالحكومات هي من تدير التعيينات، وتنقل الأعضاء في مؤسسات القطاع العام.


ثالثًا: المساءلة العامة

تعد مؤسسات القطاع العام مسؤولةً أمام كافّة الناس، ويتبعها النواب والبرلمانيون للمساعدة في تقديم المنتجات والخدمات للجمهور، مما يعني بصورة أخرى أنَّ المؤسسات الحكومية تدار من قِبل الحكومة.


رابعًا: تقديم الخدمة

تهدف مؤسسات القطاع العام إلى تقديم الخدمات للجمهور من خلال توفير السلع والخدمات بأفضل الأسعار مقارنةً بالمؤسسات التابعة للقطاع الخاص، إلا أنَّ ذلك لا يعني أنَّ مؤسسات القطاع العام لا يمكنها تحقيق ربح رمزيّ.


خامسًا: الاستقلاليّة

يمكن اعتبار الحكومات مسؤولةً بشكلٍ مباشر عن تمويل المؤسسات التابعة لها، وتملّكها وإدارتها في نفس الوقت، إلا أنَّها لا تتدخل في الأنشطة اليوميّة التي تقوم بها حتى لا تؤثّر على عملية الإنتاج وتقديم الخدمات للأفراد.


سادسًا: الاحتكار

حيث يمكن اعتبار الحكومات محتكرة للقطاع العام بشكلٍ مباشر وواضح.


سابعًا: كيان قانوني منفصل

تمَّ تأسيس القطاع العام على أنَّه وحدة قانونيّة يمكنها شراء وبيع الأوراق الماليّة والأسهم، كما يمكنها إبرام الاتفاقيات بالإضافة إلى مقاضاة الجهات التي قد تواجه مشاكل في التعامل معها.


ثامنًا: الاستقرار

يمكن وصف القطاع العام بأنَّه مستقر بشكلٍ عام ودائم في طبيعته، بحيث يمكن ضمان توفر الأمن الوظيفيّ للعاملين فيه من عامة الشعب.


ما هي إيجابيات وسلبيات القطاع العام؟

يمتاز القطاع العام بمجموعة من الإيجابيات والسلبيات التي تلعب دورًا هامًا في قرار العديد من الجهات بالتوجه نحو الاستثمارات أو الخصخصة، ويمكن توضيح أبرز هذه النقاط من خلال ما سيأتي ذكره:[٥]


ما هي إيجابيات القطاع العام؟

قد تتردد العديد من الجهات في دعم أو المساهمة في المؤسسات التابعة للقطاع العام بسبب حجم الرقابة والإدارة التي تتم من قبل حكومات الدول، إلا أنَّها تمتاز بالعديد من الإيجابيات، وفي ما يأتي أهمها:

  • توفير مقياس اقتصاديّ ومؤشر على مدى الإنتاج والنمو.
  • سهولة ووضوح التخطيط والتنسيق على العمليات والأنشطة التي تقوم بها المؤسسات.
  • إعداد مستقل دون تدخل الحكومات في الأنشطة اليوميّة للمؤسسة.
  • حماية المصلحة العامّة لأفراد الشعب من الظواهر المنتشرة، والتي قد تسبب في حدوث مشكلات كبيرة تؤثر على بينة المجتمع وأمنه.
  • اتخاذ القرارات بشكل أسرع ودقيق نوعًا ما بصورة أكبر من القطاع الخاص.
  • جمع الأموال من خلال مصادر خاصة بالحكومة ودعمها وتمويلها للمؤسسات العامة لضمان استمراريّة عملها في الدولة.


تقوم الحكومات بالاستفادة من الحجم الكبير بشكلٍ عام لمؤسسات القطاع العام بهدف تقليل الأسعار وتوفير أفضل جودة ممكنة من المنتجات والخدمات التي تقدّمها، ويتم ذلك من خلال زيادة الإنتاجيّة ومحاولة احتكار ذلك لها لامتلاكها القدرة على السيطرة الكاملة للسوق، هذا ويمكن للحكومات التأثير في مستوى الرفاهيّة العامة من خلال اتخاذ إجراءات لتعزيز ذلك، كما أنَّ المؤسسات العامة يمكنها دعم أنشطتها من خلال التمويل من المصادر الخاصة وعدم ربط ذلك بالمصادر الحكوميّة فقط لدورها الكبير على كل المجتمع.


ما هي سلبيات القطاع العام؟

يوجد لكل جانب جيّد جانب آخر شيء، يؤثر على انعكاس الأعمال التي تقوم بها المؤسسات العامة بصورة غير مناسبة تؤدّي إلى التحكم نوعًا ما في الأداء العام والإنتاجيّة في نهاية الأمر، ويمكن أن يتم توضيح أبرز سلبيات القطاع العام من خلال ما يأتي:

  • مواجهة صعوبة في إدارة المؤسسات العامة، وقد يرتبط ذلك بالحجم الكبير للأنشطة والعمليات التي تتم داخلها.
  • وجود خطر متعلّق بإنتاج منتجات أو تقديم خدمات غير فعّالة للمجتمع ممّا سيؤثر على ميزانيّة الحكومات بشكلٍ مباشر.
  • وجود عبء ماليّ مرتبط بالحكومة، وقد يتنقل إلى الحكومات الأخرى في حال التغيير في هيكلتها.
  • التدخل السياسيّ، فقد تنشأ حالة من النشاط السياسيّ المرتبط بأعمال المؤسسات الحكوميّة أو العامة، والذي قد يؤدي إلى حالات غضب جماهيريّ في مختلف الأحيان إن لم تتوافق المتطلبات الجماهيريّة مع الرؤية السياسيّة.
  • من الممكن أن يتم استخدام السلطة في المؤسسات الحكوميّة بشكل غير ملائم، بالإضافة إلى إمكانية ظهور الفساد لدى الإداريين الذين يقومون بالتحكم بعمليات المؤسسات وأنشطتها الداخلية.
  • من الممكن أن يتم إهمال مصلحة المستهلك.
  • اعتبار كلفة الصيانة والتشغيل لأنشطة وآليات المؤسسات العامة مرتفعة نوعًا ما مقارنةً بالقطاع الخاص.


قد يكون من الصعب إدارة المؤسسات العامة، وذلك بسبب الاجتماعات التي تتضمن لقاء العديد من الجهات المهمة والإدارية، ففي حين أنَّه من المتوقع أن تكون عملية اتخاذ القرارات سريعة سيتطلب الأمر وقتًا أطول للقيام بذلك في حال تمّ احتياج عدد كبير من الموظفين لحضور هذه الاجتماعات خلال جداول عمل زمنيّة دقيقة، وقد تتأثر هذه المؤسسات بالعوامل الخارجيّة، وتقوم بإنتاج بعض المنتجات ذات الجودة الرديئة، في حين أنَّ أسعارها تكون باهظة، وقد يعتمد ذلك على الرغبات والقرارات الحكوميّة التي لا تعكس رغبات الأفراد في بعض الأحيان، وفي حال تعرّضت مؤسسة عامة إلى الخسارة، فإنَّ الحكومات ستقوم بتقديم الإعانات والدعم لها لتغطية هذه الخسائر، وكلما زادت خسائر المؤسسات الحكومية زاد حجم الأموال التي تحتاجها لتغطية الخسارة، والذي قد يتسبب بدوره في إجهاد الموارد الحكوميّة الماليّة.


ما هي أهمية القطاع العام؟

يتطلّب القطاع العام الاهتمام الدقيق والمراقبة من قِبل المسؤولين الحكوميين، حيث يشير القطاع العام إلى جزء هام من اقتصاد الدول أو الاقتصاد الوطنيّ، والذي يعكس صورة الدولة أمام المستثمرين والجهات التي تقوم بتقديم الدعم، وهو مرتبط ارتباطًا مباشرًا ببرامج الخدمات العامة، وتقوم الحكومات بالسيطرة عليه، ويؤثر القطاع العام بشكلٍ كبير في حياة الأفراد والمجتمع المحيط بهم من خلال المساهمة في نشاط الاقتصاد الذي ينعكس على المستوى المعيشيّ ومعدلات الدخل للأفراد، لذلك فقد يتم إعطاء الأولوية في فهم ما يشتمل عليه القطاع العام بالإضافة إلى متابعة ما يشرف عليه والتأكد من القرارات التي يتم اتخاذها لإمكانيتها في لعب دور كبير وفعّال في تشكيل مخرجات الاقتصاد وتحقيق التنمية الاقتصاديّة والنمو الاقتصاديّ.[٦]


المراجع

  1. "Public Sector", privacysense, Retrieved 18/10/2021. Edited.
  2. "What is Public Sector", ig global, Retrieved 18/10/2021. Edited.
  3. "Types of Public Sector and Private Sector Companies", vedantu, Retrieved 18/10/2021. Edited.
  4. "Characteristics of public enterprises", tyrocity, Retrieved 18/10/2021. Edited.
  5. "Advantages and Disadvantages of Public Corporation: Everything You Need to Know", upcounsel, Retrieved 18/10/2021. Edited.
  6. "The Importance of the Public Sector", online degrees, 4/10/2018, Retrieved 18/10/2021.