تعدّ السياسة النقديّة من وجهة نظر الاقتصاديين خط الدفاع الأول ضد التباطؤ الاقتصاديّ أو المشكلات الاقتصاديّة بمختلف أنواعها؛ وذلك لسرعة إجراءاتها مقارنةً بالسياسة الماليّة، فهي مجهزة بشكل دوريّ ودائم لمعرفة الوقت المناسب وحجم التحفيز الاقتصاديّ المناسب عند حدوث أيّ معضلة للاقتصاد، إضافةً إلى أنَّ إجراءات البنوك المركزيّة عند استخدام السياسة النقديّة تكون سهلةً مقارنةً باستخدام السياسة الماليّة، فمثلًا تقوم البنوك المركزية بطلب إجراءات معينة من السياسة الماليّة قبل التدخل بسنّ قوانين ومناقشتها والتصويت عليها وتصويبها وتعديلها مما يستدعي ذلك الكثير من الوقت مقارنةً بالتدخلات السريعة التي تقوم بها السياسة النقديّة، كما أنَّ السياسة النقديّة تؤثر بشكل مباشر أكثر من السياسة الماليّة ومثال ذلك؛ عند خفض أسعار الفائدة مثلًا ستقل تكلفة الاقتراض مباشرةً الأمر الذي يعد حافزًا للاستثمار أو الشراء عن طريق الديون مثلًا، في حين أنَّ آثار السياسة الماليّة عند استخدام الضريبة تأخذ منحنًا أطول، وهنالك العديد من الأدوات التي تؤثر بها السياسة النقديّة على الاقتصاد والتي سيتم مناقشتها مفصّلة في هذا المقال.[١]


ما هي أدوات السياسة النقدية؟

تمتلك البنوك المركزيّة العديد من أدوات السياسة النقديّة Monetary policy tools وهي أدوات أساسيّة لإدارة المعروض النقديّ، وتساعد هذه الأدوات على تحفيز نمو الاقتصاد أو تثبيطه، وفيما يأتي بيان لأهم الأدوات التي يتم استخدامها من قِبل البنوك المركزيّة للتأثير على الاقتصاد:


متطلبات الاحتياطي النقدي reserve requirements

تقوم البنوك المركزية بالتأثير على الاقتصاد من خلال تغيير نسبة الاحتياطيّ النقديّ التي يجب على البنوك الماليّة أن تحتفظ بها ولا تستخدمها بعمليّاتها وذلك في سبيل مواجهة مخاطر معينة أو لسبب التحكم في المعروض النقديّ، كما يمكن للبنوك الاحتفاظ بالاحتياطيّ في خزائن البنك نفسه لكل بنك أو في خزائن البنك المركزيّ.


السياسة النقدية التوسعيّة

يتم التأثير على الاقتصاد في حالة السياسة النقدية التوسعيّة بتقليل نسب الاحتياطيّ النقدي ممّا يوفر مزيدًا من الأموال التي يمكن للبنوك إقراضها وتزويدها في الاقتصاد، والذي يؤدّي بدوره إلى زيادة الاقتراض والاستهلاك وحفز الاقتصاد.


السياسة النقديّة الانكماشيّة

وأمَّا في حالة السياسة النقديّة الانكماشيّة، فتقوم البنوك المركزيّة بزيادة المتطلبات، فترفع من نسب الاحتياطيّ النقديّ للبنوك، وتعد المبالغ الاحتياطيّة القانونيّة أموالًا لا يمكن إقراضها أو استخدامها في عمليات البنك الأمر الذي سيؤدي إلى تقليل النقود لدى البنوك التي يمكن إقراضها وبالتالي تقليل الاقتراض ويؤدّي ذلك بشكل أخير إلى تخفيف النمو الاقتصاديّ لمحاولة السيطرة على النمو الذي يحدث والمشكلات التي يقود إليها كالتضخم مثلًا.[٢]


عمليات السوق المفتوحة Open market operations

وتكمن هذه العملية بإجراء البنك المركزيّ عمليات في السوق المفتوحة وذلك عن طريق شراء أو بيع الأوراق الماليّة التي تطرح من قبل البنوك الخاصة بالبلاد مثلًا أو التي تطرحها الحكومة كالسندات بهدف التمويل للإنفاق العام على قطاع معين.


السياسة النقدية التوسعيّة

ففي حالة السياسة النقدية التوسعيّة يتجه البنك المركزيّ إلى القيام بشراء الأوراق الماليّة كالسندات وغيرها، فيعمل ذلك على توفير النقود للبنوك أو للحكومة لإنفاقها أي سيؤدّي ذلك إلى زيادة المعروض النقديّ للاقتصاد الذي يعد حافزا للمستهلكين لزيادة الاستهلاك ورفع الطلب وبالتالي تحسين النمو الاقتصاديّ.


السياسة النقدية الانكماشيّة

من ناحية أخرى، فإنَّ البنك المركزيّ سيقوم ببيع الأوراق الماليّة وطرح أوراق ماليّة أخرى كأذونات الخزانة وغيرها وذلك للتأثير على المعروض النقديّ وتقليله من الاقتصاد للتخفيف من الطلب الهائل الذي يؤدّي بالنهاية إلى التضخم في محاولة لتأمين الاستقرار للدورة الاقتصاديّة.[٣]


معدل الخصم Interest rate adjustment

وهو من أهم أدوات السياسة النقدية والذي يعرف بأنَّه السعر أو النسبة الذي يتم فرضه من قِبل البنوك المركزيّة على البنوك الأعضاء على القروض قصيرة الأجل، وتهدف هذه النسبة بشكل أساسيّ إلى التأثير على أسعار الفوائد التي تفرضها البنوك الأعضاء على عملائها.[٣]


السياسة النقديّة الانكماشية

فعلى سبيل المثال، عند قيام البنك برفع معدل الخصم على القروض قصيرة الأجل ستزداد تكلفة الاقتراض على البنوك التجاريّة التي ستقوم بدورها إلى تحميل هذه التكلفة إلى العملاء وذلك عند قيامها برفع أسعار الفائدة على القروض الممنوحة لهم وعند ازدياد التكلفة للاقتراض يعزف العملاء وتقل الرغبة في الحصول على القروض، ويؤدّي ذلك إلى تقليل الأموال التي يتم اقتراضها من قِبل البنوك وضخها بالاقتصاد في حالة السياسة النقديّة الانكماشية.[٢]


السياسة النقدية التوسعيّة

وأمَّا بالنسبة لحالة السياسة النقدية التوسعيّة فإنَّ البنوك المركزيّة ستقوم بعكس الإجراء وتقليل معدل الخصم الذي سيحفّز البنوك التقليديّة على الاقتراض منها وتوفير مبالغ أكثر ممكن تمويلها وبالتالي ينعكس على أسعار الفائدة بتخفيضها، إلى أن تقوم بجذب العملاء للحصول على الائتمان بسبب تقليل كلفة الاقتراض وبالنهاية الوصول إلى تحفيز وتنشيط النمو الاقتصاديّ في البلد.[٤]


المراجع

  1. "What is the role of monetary policy in alleviating economic downturns? ", taxpolicycenter, Retrieved 14/10/2021. Edited.
  2. ^ أ ب "Monetary Policy", corporatefinanceinstitute, Retrieved 14/10/2021. Edited.
  3. ^ أ ب KIMBERLY AMADEO (10/9/2021), "Monetary Policy Tools and How They Work", thebalance, Retrieved 14/10/2021. Edited.
  4. "Monetary Policy Basics", federalreserveeducation, Retrieved 14/10/2021. Edited.