تعاملت الحكومة الإسلاميّة مع الأموال بشكل منظم منذ القدم بما يحقق المصلحة العامة، فهي لم تكن حرة في استخدام الأموال بالطريقة التي تريدها، مثل إنفاقها في البذخ أو تبديد المال العام، بل إنَّ إنفاقها للأموال كان لتحقيق أهداف الدولة الإسلامية بما يضمن تحسين مستوى المعيشة والرفاهيّة لأفراد المجتمع من خلال زيادة دخلهم وتوفير الأمن والمسكن وكل ما يلزم للحفاظ على أرواحهم وممتلكاتهم بالإضافة إلى توفير السلع والخدمات اللازمة لهم وتوفير التعليم والصحة العامة وغيرها من المنافع، وتجدر الإشارة إلى أنَّ استخدام الدولة الإسلامية للنفقات العامة الخاصة بها قد نتج عنه العديد من الفوائد الإيجابية على الاقتصاد، وسيطرح هذا المقال مجموعة من نفقات الدولة الإسلامية يتبعها شرح لكل نوع منها على حدة.[١]


ما هي أنواع نفقات الدولة الإسلامية؟

عند دراسة الإنفاق العام في الدولة الإسلامية لا بد من التمييز بوضوح بين النفقات المتعلّقة بالزكاة والنفقات الأخرى، وهو تمييز ضروريّ جدًا لأن الشريعة تحرّم استخدام عائدات الزكاة لأيّ غرض آخر باستثناء رؤوس الإنفاق الثمانية المحددة في القرآن ولكن العكس جائز؛ بحيث لا يوجد مانع من استخدام جزء من الإيرادات العامة لأيّ من مصارف الزكاة الثمانية،[٢] وفيما يأتي بيان لمجموعة من النفقات العامة للدولة الإسلامية:


أولًا: نفقات الخدمات العامة

تتكبد الدولة الإسلامية مجموعةً من النفقات العامة والتي لها تأثير كبير على توزيع الدخل وتوفير المنافع العامة للدولة وخاصة الصحة العامة والتعليم وتوفير السكن وغيرها من السلع والخدمات، وفيما يأتي توضيح لها:[١]

  • تصميم الحكومة لنظام خاص للرعاية الاجتماعيّة للتقليل من الفقر وهذا النوع من النفقات يهتم بتغطية الديون التي بقيت على الموتى المسلمين ولم يتكبدها أحد عنهم فقد ورد أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بسداد ديون موتى المسلمين من المال العام، كما ورد أنَّ عمر بن عبد العزيز أمر بسداد ديون لمن لم يتكبد مثل هذه الديون بسبب كثرة الاستهلاك.
  • دفع القروض التي تكبّدها دافعو الخراج الذين لم يتمكنوا من تحسين أراضيهم، وقد تمثل ذلك في عهد عمر بن عبد العزيز والذي ورد أنَّه أمر العاملين لديه بتغطية جميع ديون المسلمين على الرغم من أنَّ بعضهم كان له منازل ويقيم خدمًا، وذلك في وقت كانت فيه الموارد الماليّة وفيرةً إذ اعتبرت هذه الحاجات أساسيّةً ومن الضروريات.


ثانيًا: نفقات الأطفال

تنفق الدولة الإسلامية أيضًا على دفع مخصصات الأطفال فقد كانت الدولة الإسلامية أول من اهتم بهذا النوع من النفقات وخصص جزء لدفعها، وهي الآن سائدة في بعض البلدان المتقدّمة اقتصاديًا، وقد ورد عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- دفع مخصصات الأطفال عندما لا يرضع الطفل رضاعة طبيعية، لكن هذا أدى إلى وقف سريع للرضاعة وتمّ تغيير النظام لدفع العلاوات فور الولادة، وفي عهد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- اختلفت طريقة دفع النفقات لتصبح مقيّدة بعمر الطفل فالطفل حديث الولادة يتقاضى خمسين درهمًا والطفل البالغ من العمر عامًا واحدًا يتقاضى مائة درهم.[١]


ثالثًا: نفقات العاملين في الحكومة

كفل الإسلام من يعملون في الحكومة ببعض المزايا الإضافيّة، فقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّ العاملين في الدولة يعطون بدل زواج ووسيلة نقل وخادم، كما نُقل عن عمر أنَّه وزّع المال العام بحيث كان يتقاضى قادة الجيش ما بين سبعة إلى تسعة آلاف درهم، تشمل بذلك الموظفين العموميين والعلماء والجنود ومسؤولي الأمن، فالإسلام اهتم بتوفير الحياة الكريمة لجميع أفراد المجتمع للحفاظ على استقار الإقتصاد وضمان النمو الإقتصادي في الدولة.[١]


رابعًا: نفقات الزكاة

تعد الزكاة في طريقتها شبيهةً لمبدأ الضريبة ولكنَّها مخصصة بحيث لا تُمنح أو تنفق إلا لثمانية حالات كما ذُكر في القرآن الكريم وهم:

  • الفقراء.
  • المساكين.
  • العاملين عليها.
  • المؤلفة قلوبهم.
  • الرقاب.
  • الغارمون.
  • المجاهدون في سبيل الله.
  • ابن السبيل.

بحيث لا يجوز صرف الزكاة وإنفاقها لغيرهم، كما يجب الإشارة إلى أنَّه لا يشترط دفع نفقات الزكاة لجميع مصارفها في نفس الأوقات فمثلًا يحق للفئتين الأوليين وهم الفقراء والمساكين الحصول على الزكاة كحق قانونيّ بينما تمنح الفئات الأخرى في الحالات التي تجب ذلك فقط.

والزكاة هي مبدأ من مبادئ النظام الماليّ الإسلاميّ التي تضمن استمرار تحويل الموارد ممن لديه القدرة على الدفع للمحتاجين ومساعدتهم، حيث إنَّ أمر استحقاقها وصرفها إلهيّ، وركن من أركان الإسلام، أما من الشروط التي يجب اتخاذها أو مراعاتها عند إنفاقها ما يأتي بيانه:

أن يكون صرفها بطريقة لا تؤذي المتلقي للزكاة.

استخدام حصيلتها بما يضمن للمستفيدين الاعتماد على أنفسهم مع مرور الوقت.[٢]


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث "https://islamicmarkets.com/", islamic markets, Retrieved 29/9/2021. Edited.
  2. ^ أ ب Ziauddin Ahmad and A. Shakour Shaalan (1/1/1989), "Public Finance in Islam", elibrary, Retrieved 7/10/2021. Edited.