ما هو المقصود بالبطالة؟

يشير مفهوم البطالة Unemployment إلى الحالة التي يكون فيها الأفراد الذين يبحثون فيها عن عمل لتوظيف مهاراتهم وخبراتهم غير قادرين على العثور على تلك الفرص، هذا وتعد البطالة مقياسًا لصحة الاقتصاد الخاص بالدولة، بحيث يشير معدل البطالة في الدولة على مدى قدرة حجم النشاط الاقتصاديّ فيها على المساهمة في خلق فرص عمل للأفراد، كما أنه يشير إلى قدرة هؤلاء الأفراد على الحصول بسهولة على عمل يمكن من خلاله جني المال للمساهمة في الناتج المحليّ الإجماليّ للاقتصاد، ويمثل معدل البطالة عدد الأفراد أو الأشخاص العاطلين عن العمل مقسومًا على عدد القوى العاملة في الدولة مضروبًا بمائة، كما تقوم بعض الحكومات بتقديم تعويضات أو تأمينات ضد البطالة للأفراد العاطلين عن العمل والذين يستوفون المؤهلات اللازمة لذلك، ومن الممكن أن تشير نسب ومعدلات البطالة العالية إلى حدوث ضائقة مالية خطيرة على اقتصاد الدولة، وقد يؤثر بشكلٍ كبير على البيئة الاجتماعيّة والسياسيّة، وفي بعض الأحيان يؤدي ذلك إلى حدوث اضطرابات من شأنها زعزعة طمأنينة الدولة الداخليّة.[١]


كيف ظهر مفهوم البطالة؟

نشأ المفهوم الحديث للبطالة في نهاية القرن التاسع عشر وحدث ذلك عندما بدأت حكومات الدول باتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة على المستوى الخاص والعام بشكل تدريجيّ لدعم أولئك الأفراد غير القادرين على إيجاد فرص عمل ملائمة لهم، فلم يكن الأمر متعلّقًا بالمحتاجين وإنما بالأفراد العاطلين عن العمل الذين لا يبحثون عن الرفاهيّة المجتمعيّة العامة، وفي بداية ظهور ونشأة مفهوم البطالة لم يتم تضمين كافّة الأفراد غير العاملين تحت مسمى البطالة، فقد كان هناك مواصفات معينة لذلك فلا يعد عاطلًا عن العمل سوى الشخص القادر والمؤهل والراغب في العمل إلا أنَّه لا تتوفر له فرصة لذلك، وعلى خلفية الأزمات الاقتصاديّة التي واجهتها بعض الدول في أواخر القرن التاسع عشر تمَّ استخدام مصطلح البطالة من قبل الإصلاحيين الاجتماعيين للدلالة على حجم الخطر المرتبط بهذه المشكلة.[٢]


ما هي أنواع البطالة؟

تعد البطالة مشكلةً عالميّةً تعاني منها مختلف الدول وتؤثر بشكلٍ عام على كافّة الأنشطة الاقتصاديّة بصورة كبيرة، مما دفع العديد من المحللين والاقتصاديين دراستها وفهمها بشكلٍ أعمق، وبناءً عليه فقد قامت الجهات المسؤولة بتقسيم البطالة إلى أربعة أنواع سيتم توضيحها من خلال ما يأتي:[٣]


البطالة الاحتكاكية

يحدث هذا النوع من البطالة عندما يقوم الأفراد بتغيير وظائفهم طواعيةً داخل الدولة، فبعد ترك الشخص لوظيفته من الطبيعي جدًا أن يستغرق وقتًا للعثور على وظيفة جديدة، ومن الأمثلة على البطالة الاحتكاكيّة دخول القوى العاملة حديثة التخرج إلى سوق العمل وتصنيفها ضمن قسم البطالة إلى حين العثور على الوظيفة المناسبة، ضمن مجال دراستهم، وعادةً ما يعد هذا النوع من البطالة قصير الأجل، والذي يشكل الأقل تأثيرًا على صحة الاقتصاد والنظرة العامة له، فهو نتيجة طبيعية تثبت أنَّ العمليات داخل السوق تستغرق وقتًا.


البطالة الدورية

يحدث هذا النوع من البطالة في فترات الانتعاش والانكماش الاقتصاديّ على شكل تباين في أعداد العاطلين عن العمل، فمثلًا عند اختلاف أسعار النفط يتأثر معدّل البطالة حول العالم، بحيث يرتفع معدل البطالة خلال فترة الركود وينخفض خلال فترات النموّ الاقتصاديّ، وتستخدم الحكومات عدّة أساليب مختلفة لعلاج هذا النوع من البطالة وذلك بسبب الأثر السلبيّ الكبير الذي من الممكن أن يشكّله هذا النوع على الجانبي الاقتصاديّ والاجتماعيّ.


البطالة الهيكلية

تنبثق البطالة الهيكليّة من التغييرات التكنولوجيّة في هيكل الاقتصاد الذي يتضمن سوق العمل، فعند إجراء تطويرات تكنولوجيّة في بيئة العمل كاستبدال وسائل النقل أو أتمتة عمليات التصنيع والتغليف فإنَّ ذلك سيؤثّر على حجم العمالة المطلوبة داخل المصانع أو الشركات المنتجة، فاستبدال الموظف بالآلة أو التكنولوجيا سيساهم في رفع معدل البطالة بشكلٍ كبير، هذا وتعد عملية إعادة ترتيب هؤلاء الموظفين وتدريبهم على التعامل مع التكنولوجيا أمرًا مكلفًا وتستغرق وقتًا طويلًا.


البطالة المؤسسية

تحدث البطالة المؤسسيّة من خلال العوامل والحوافز المؤسسيّة طويلة الأجل أو الموجودة بشكل دائم في الاقتصاد، كفرض الحكومات سياسات جديدة متعلّقة بالحد الأدنى للأجور، أو برامج المزايا الاجتماعيّة أو الضمان الاجتماعيّ، أو ارتفاع معدلات النقابات في مؤسسات سوق العمل، بالإضافة إلى قوانين الترخيص المهنيّ المقيّدة بشكل كبير، وغيرها العديد من العوامل الأخرى التي تلعب المؤسسات دورًا فيها.


ما هي أسباب البطالة؟

لا بد من وجود أسباب أدت إلى حدوث مشكلة البطالة بمختلف أنواعها، ويمكن تلخيص هذه الأسباب من خلال ما يأتي:[٤]

  • الفرق بين الكساد أو الركود والازدهار الاقتصاديّ، حيث ترتفع معدلات البطالة عند حدوث الركود الاقتصاديّ في الدولة وتقل عند حدوث العكس.
  • المعدل الطبيعيّ للبطالة، والذي يتولّد من خلال ترك الموظفين لأعمالهم بحثًا عن وظائف أخرى، بحيث ترمز إلى الفترة الزمنيّة التي يبقى فيها الموظف بلا عمل بحثًا عن وظيفة أخرى.
  • عدم التوافق بين الوظائف المطروحة والمؤهلات أو المهارات التي يمتلكها الأفراد والذي قد يُنسب بشكلٍ أو بآخر إلى الخلفية التعليميّة للأفراد.
  • التطوّر التقني الكبير الذي تشهده الشركات والصناعات بشكلٍ عام.
  • التغيّرات في المواقف الاجتماعيّة من بعض الوظائف باعتبارها غير ملائمة للفرد وتقييمها على أسس غير صحيحة.
  • التغيّرات السياسية التي يتعرّض لها الموظفون كتغيير الحد الأدنى لأجور الموظفين وعدد الموظفين الذي يمكن أن تتحمّله الشركات.
  • تفضيل الأشخاص الرأسماليين أو أصحاب الأعمال التجاريّة في الاقتصاد زيادة معدلات البطالة، فقد أثبتت ذلك الدراسات المتعلّقة بالبطالة المنهجيّة وأكدّت أنَّه يمكن مع وجود أعداد كبيرة عاطلة عن العمل توظيف الأفراد بأجر أقل وقبولهم بالشروط التي يمكن وضعها عليهم.
  • إبقاء أجور بعض الموظفين مرتفعةً نسبيًا لأسباب مختلفة، ومن ضمنها المناصب التي يشغلها هؤلاء الموظفون، وطبيعة الشركات أو المؤسسات التي يعملون لديهم.


آثار البطالة

تؤثر البطالة على المجتمع والأفراد بصورة كبيرة واضحة يمكن ملاحظتها، ويمكن تحديد هذه الآثار في ما يأتي:[٥]


آثار البطالة على الأفراد

انخفاض الدخل

يعاني الأفراد العاطلون عن العمل من انخفاض إجمالي الدخل الخاص بهم كنتيجة مباشرة لعدم وجود وظيفة ثابتة تؤمن لهم الدخل الملائم لاحتياجاتهم، وغالبًا ما يعتمد الأفراد العاطلون عن العمل على الأجر الذي يتلقونه وليس لهم مصدر آخر للدخل لتمويل تكاليف النفقات الأساسيّة لهم.


المشكلات الصحية

يمكن أن تؤثر البطالة على الصحة الجسديّة للأشخاص، بحيث يمكن أن تُعتبر البطالة مرهقة للغاية دون القيام بالإنجاز فيؤثر ذلك على نفسيّة الفرد، وقد تتمثل الآثار بالتوتر النفسيّ، الصداع، ارتفاع ضغط الدم، السكري، أمراض القلب وغيرها العديد.


الآثار العائلية السلبية

تتعرّض عائلة الشخص العاطل عن العمل إلى الضغط النفسيّ الكبير الناتج عن تراكم النفقات والديون، كما ينال الأشخاص العاطلون عن العمل تحديات عائلية أكبر.


التحديات الصحة العقلية

أظهرت الدراسات أنَّ البطالة تزيد من فرصة تعرّض الأشخاص للإصابة بأعراض الاكتئاب، وذلك بسبب انخفاض الرفاهيّة الذاتيّة وانخفاض احترام الذات.


آثار البطالة على المجتمع

تؤثر البطالة على المجتمع المحليّ أو المجتمع الذي يتواجد به العاطل عن العمل، لكن في المقابل فلا يؤثر العاطل عن العمل على المجتمع، إلا إذا تواجدت هنالك أعداد كبيرة من الأشخاص العاطلين عن العمل والذي سيساهم في ارتفاع معدلاتها في مناطق معينة وبالتالي ازدياد نسبة الفقر والأحياء الفقيرة التي تلعب دورًا في التأثير على المجتمع والمستوى المعيشيّ للأفراد الذين يعيشون فيه، بحيث ستقل الأنشطة الترفيهيّة وجودة المساكن والوصول المحدود إلى وسائل الاتصالات والإنترنت أو حتى وسائل النقل.


آثار البطالة على الاقتصاد

تؤثر البطالة على الاقتصاد ككل، فعندما يكون الأشخاص عاطلون عن العمل يقومون بإنفاق أموال أقل، مما يساهم في نهاية الأمر إلى تقليل المساهمة العامة في الاقتصاد فيما يتعلق بالسلع والخدمات والمنتجات، هذا وتؤثر البطالة على القوّة الشرائية التي من الممكن أن تؤدّي أيضًا إلى زيادة نسبة البطالة ممّا يجعلها حلقة مغلقة.


اقتراحات لحل مشكلة البطالة

نظرًا للأثر الكبير الذي تتركه البطالة على الأفراد والمجتمعات كان لا بدَّ من العمل على التحليل والتقصي لإيجاد الحلول المناسبة في علاج المشكلة ومنع حدوث الآثار السلبيّة عامةً، ومن خلال ما يأتي يمكن تلخيص أبرز المقترحات التي تمَّ طرحها:[٦]

  • التغيير في التقنيات الصناعيّة، حيث يجب أن تتناسب التقنيات الصناعيّة المستخدمة في الإنتاج مع احتياجات الدولة والمواطنين فيها.
  • محاولة إلغاء سياسة البطالة الموسميّة، حيث يوجد هذا النوع من البطالة في الصناعات المتعلّقة بالزراعة ويجب الحد منها من خلال زراعة المحاصيل المتعددة، وتشجيع المزارعين والقيام بعمليات البستنة وتربية الحيوانات والحصول على الألبان، بالإضافة إلى تشجيع الصناعات المنزليّة.
  • تغيير نظام التعليم، يجب تغيير النمط التعليميّ تمامًا، حيث يجب التركيز على التعليم المهنيّ وتطوير الأداء والمؤهلات بالإضافة إلى دعم الأشخاص المحبين للتعلّم في إتمام مرحلة الدراسات العليا، وذلك لإنتاج جيل قادر على البدء بعمله الخاص عند إنهاء الدراسة في المرحلة الجامعيّة.
  • توسيع فرص الدوران في العمل، بحيث يمكن للأفراد التعلّم من أعمال ومهام الآخرين في فترات قصيرة لا تؤثر على أداء المهام المرتبطة بوظيفتهم الأساسيّة.
  • تقديم المساعدة للأشخاص العاملين لدى حسابهم الخاص، بحيث يتم دعم الأشخاص الذين يديرون أعمالهم الخاصة ماديًا وتوفير المواد الخام والتدريب الفنيّ اللازم للقيام بالأعمال على أكمل وجه، مما قد يساهم في فتح فرص عمل جديدة لخدمة المجتمع.
  • تشجيع العمالة الكاملة والأكثر إنتاجية حيث يجب على الشركات جعل الهدف الأساسيّ لها خلق أكبر عدد ممكن من فرص العمل وإنتاجية العمل في نفس الوقت، بحيث تتبنى توفير فرص عمل لأكبر عدد يمكن استيعابه لديها.
  • الزيادة في إنتاجيّة الصناعات المنزليّة، حيث يتوجب لزيادة العمالة زيادة حجم الإنتاج وتشجيع التطوّر في هذا المجال.
  • زيادة معدل تكوين رأس المال، ففي حال حصل الأفراد على الدعم اللازم لتكوين رأس المال الخاص بهم؛ فهذا يعني توفير فرصة لبناء مشروع جديد وبالتالي زيادة فرص العمل في المجتمعات.
  • إعطاء أهميّة أكبر لبرامج للتوظيف؛ حيث يمكن لبرامج مثل الري والطرق توفير فرص عمل مختلفة للناس.


المراجع

  1. " Unemployment", corporate finance institute, Retrieved 13/10/2021. Edited.
  2. "Unemployment", history of social security, 1/6/2021, Retrieved 13/10/2021. Edited.
  3. ADAM HAYES (10/9/2021), "Unemployment", investopedia, Retrieved 13/10/2021. Edited.
  4. "What causes unemployment", ecnmy, Retrieved 13/10/2021. Edited.
  5. Indeed Editorial Team (31/3/2021), "Effects of Unemployment on Individuals, Society and the Economy", indeed, Retrieved 13/10/2021. Edited.
  6. Pooja Mehta, "Suggestions to Solve Unemployment Problem", economics discussion, Retrieved 13/10/2021. Edited.