يعد النظام الاقتصاديّ الرأسماليّ والنظام الاقتصاديّ الاشتراكيّ نظامين سياسيين واجتماعيين مختلفين تمزجهما بعض الدول حول العالم، وغالبًا ما تُعتبر السويد مثالًا قويًا للدولة الاشتراكيّة، بينما تُعتبر الولايات المتحدة مثالًا رئيسًا للدولة الرأسمالية، ولكن من الناحية العملية، فإنَّ السويد ليست اشتراكية بحتة والولايات المتحدة ليست رأسماليّة بحتة، فمعظم الدول لديها اقتصادات مختلطة مع وجود العناصر الاقتصاديّة الرئيسة لكل من الرأسمالية والاشتراكيّة التي تميزها، ولهذا برز الاهتمام بمعرفة ما الذي يميّز كل نظام منهما عن الآخر وما هي الفروق الحقيقية بينهما،^[١] وسيطرح هذا المقال توضيحًا للفروق بين النظام الاقتصاديّ الرأسماليّ والنظام الاقتصاديّ الاشتراكيّ.

النظام الاقتصادي الرأسمالي مقابل النظام الاقتصادي الاشتراكي

يستخدم مصطلحا النظام الاقتصاديّ الرأسماليّ Capitalist economic system والنظام الاقتصاديّ الاشتراكيّ Socialist economic system لوصف نظم اقتصاديّة وسياسيّة تعبّر عن مدارس معيّنة للفكر الاقتصاديّ، وتعد فكرة مدى تدخل الحكومة داخل الاقتصاد في الدولة أحد أهم الاختلافات الأساسيّة بين هذين النظامين، ويعتمد النظام الاقتصاديّ الرأسماليّ على بيئة السوق الحرة لتكوين الثروة للأفراد، كما يعتمد إنتاج السلع والخدمات على العرض والطلب في السوق العام ولذلك قد يسمى الهيكل الاقتصاديّ الذي يتبع النظام الرأسماليّ باسم اقتصاد السوق، أمّا في النظام الاقتصاديّ الاشتراكيّ فيتم تنظيم إنتاج السلع والخدمات جزئيًا أو كليًا من قِبل الحكومة من خلال التخطيط المركزيّ، ويعرف الهيكل الاقتصاديّ الذي يتبع النظام الاقتصاديّ الاشتراكيّ باسم الاقتصاد المخطط أو الاقتصاد الموجه.^[٢]

ما هو الفرق بين النظام الاقتصادي الرأسمالي والنظام الاقتصادي الاشتراكي؟

يختلف النظام الاقتصاديّ الرأسماليّ عن النظام الاقتصاديّ الاشتراكيّ بصورة كبيرة، ولكل نظام منهما مدرسة فكرية مختلفة ومبادئ وأهداف تميّز كلًا منهما عن الآخر، فيتميّز النظام الاقتصاديّ الرأسماليّ بالملكية الخاصة للأصول والأعمال، بينما يتميّز النظام الاقتصاديّ الاشتراكيّ بتدخل حكوميّ أكبر لإعادة تخصيص الموارد بطريقة أكثر تساويًا،^[٣] وفيما يأتي توضيح لأبرز الفروقات والاختلافات بين النظام الاقتصاديّ الرأسماليّ والنظام الاقتصادي الاشتراكيّ من حيث:

التعريف Definition

النظام الاقتصاديّ الرأسماليّ هو نظام تنظيم اجتماعيّ يقوم على أساس حرية الأسواق والخصخصة، حيث تُنسب الملكية إلى الأفراد ويُسمح بالملكية المشتركة الطوعية، بينما يعد النظام الاقتصاديّ الاشتراكيّ نظام تنظيم اجتماعيّ يقوم على مبدأ حيازة معظم الممتلكات للدولة بصورة مشتركة.^[٤]

المساواة Equality

يرى النظام الاقتصاديّ الرأسماليّ أنَّ عدم المساواة أمر ضروريّ لتشجيع الابتكار والتنمية الاقتصاديّة، كما فإنَّ تحديد الدخل في الاقتصاد الرأسماليّ يكون من قِبل قوى السوق الحرة لذلك فلا توجد مساواة في الدخل في النظام الرأسماليّ،وعلى العكس تمامًا فإنَّ النظام الاقتصاديّ الاشتراكيّ يهتم بإعادة توزيع الموارد من الأغنياء إلى الفقراء لضمان حصول الجميع على فرص متساوية أو حتى نتائج متساوية، لذلك يتم توزيع الدخل في الاقتصاد الاشتراكيّ بالتساوي بين الجميع.^[٣][٥]

الملكية Ownership

في ظل النظام الاقتصاديّ الرأسماليّ تكون ملكية الأعمال والشركات ملكيةً خاصةً إما للأفراد أو الشركات الخاصة، بالإضافة للملكية الخاصة لوسائل الإنتاج في المجتمع، وأما في ظل النظام الاقتصاديّ الاشتراكيّ فإنَّ الدولة ستمتلك وسائل الإنتاج الرئيسة وستتحكم بها، وفي بعض الأنواع الاشتراكيّة لن تكون الملكية من قِبل الحكومة فقط بل للتعاونيات العمالية أيضًا.^[٣][٥]

الكفاءة Efficiency

يسعى النظام الاقتصاديّ الرأسماليّ لتوفير حوافز للربح لتشجيع الأفراد والشركات للعمل بكفاءة ولهدف تخفيض التكاليف وابتكار منتجات جديدة يريدها الناس، ومن يفشل بتحقيق الكفاءة والابتكار في النظام الرأسماليّ فسيخرج من السوق والمنافسة، مما يتسبب بتدفق الموارد إلى مجالات جديدة أكثر كفاءة في الاقتصاد، بينما في ظل النظام الاقتصاديّ الاشتراكيّ فلا تتحقق الكفاءة بسبب ملكية الدولة لعوامل الإنتاج؛ نظرًا لأنَّ العمال والمسؤولين في النظام الاشتراكيّ يفتقرون إلى أيّ حافز حقيقيّ لخفض التكاليف، أي أنَّه لا وجود لحافز حقيقيّ للابتكار والكفاءة في النظام الاشتراكيّ خاصةً في الشركات المملوكة للدولة.^[٣][٥]

البطالة Unemployment

في الأنظمة الاقتصاديّة الرأسماليّة لا توفر الدولة الوظائف بشكل مباشر؛ ففي أوقات الركود الاقتصاديّ يمكن أن ترتفع البطالة في الأنظمة الاقتصاديّة الرأسماليّة إلى مستويات عالية جدًا، مثل البطالة الكبيرة التي حدثت بسبب الكساد العظيم، أمّا في الأنظمة الاقتصادية الاشتراكيّة فغالبا ما يتم التوظيف من قبل الدولة، لذلك يمكن للدولة توفير العمالة الكاملة، حتى لو كان العمال لا يفعلون أيّ شيء ضروري بشكل خاص.^[٣]

الضوابط للأسعار Price controls

في النظام الاقتصاديّ الرأسماليّ وبسبب حرية الأسواق فيتم تحديد الأسعار من قِبل قوى العرض والطلب في السوق، لذلك قد تتمكن الشركات ذات القوة الاحتكاريّة الكبيرة من استغلال مراكزها وفرض أسعار أعلى بكثير من المستحق، أمّا في النظام الاقتصاديّ الاشتراكيّ فإنَّ الحكومة هي من تُحدد الأسعار ممّا قد يؤدّي إلى حدوث نقص أو فائض في السوق.^[٣][٥]

الدول Countries

تتبع العديد من الدول مثل الولايات المتحدة واليابان وألمانيا وهونغ كونغ شكلًا من أشكال الأنظمة الرأسماليّة، بينما تتبع بعض الدول مثل كوريا الشمالية والمكسيك والسودان وفنزويلا شكلًا من أشكال الأنظمة الاشتراكيّة.^[٥]

الحرية في الاختيار Free Choice

في ظل النظام الاقتصاديّ الرأسماليّ يتخذ جميع الأفراد قراراتهم بأنفسهم؛ والذي يندرج تحته اتخاذهم لأفضل القرارات كونهم من سيتحمل عواقب ونتائج اختياراتهم، ولذلك حرية الاختيار للأفراد تسمح بقيادة الاقتصاد، أمّا في النظام الاقتصادي الاشتراكيّ فتترك أمور مثل الدين والزواج لاختيار الأفراد، ويعد التعليم إلزاميًّا في هذا النظام، كما حق للأفراد الحصول على مستويات الصحة والتعليم بصورة مجانية ومتساوية للجميع، وذلك من خلال نظام اجتماعيّ ممول من الضرائب، وترتبط قرارات الإنتاج بالقرارات الحكوميّة أكثر من طلب المستهلكين وخياراتهم.^[٤]

النظام السياسي Political System

يمكن أن تتعايش الدول التي تتبع النظام الاقتصاديّ الرأسماليّ مع مجموعة متنوعة من الأنظمة السياسيّة، بما في ذلك؛ الديكتاتورية والجمهورية الديمقراطية والديمقراطية المباشرة، ومع ذلك فإنَّ معظم الرأسماليين ينادون بتأسيس جمهورية ديمقراطيّة، وعلى الصعيد الآخر فإنَّ النظام الاقتصاديّ الاشتراكيّ يمكنه التعايش مع الأنظمة السياسيّة المختلفة أيضًا، ولكنَّ معظم الاشتراكيين يدافعون عن الديمقراطية التشاركيّة، والبرلمانيّة.^[٤]

الهيكل الاجتماعي Social Structure

في ظل النظام الاقتصاديّ الرأسماليّ توجد الطبقات الاجتماعية بناءً على علاقتها برأس المال والثروة، كما تظهر الفروقات الاجتماعيّة والفجوات في طبقات المجتمع، أمّا في النظام الاقتصاديّ الاشتراكيّ، فتتضاءل الفروق الطبقية الاجتماعيّة، وتتشكل المكانة الاجتماعيّة من الفروق السياسيّة، وليس من الفروق الطبقيّة.^[٤]

الدين Religion

يوفر النظام الاقتصاديّ الرأسماليّ والنظام الاقتصاديّ الاشتراكيّ حرية الدين للأفراد، ولكن النظام الاشتراكيّ غالبا ما يعزز العلمانيّة.^[٤]

طريقة التغيير Way of Change

تكون درجة التغيير والاستجابة في ظل النظام الاقتصاديّ الرأسماليّ سريعةً من الناحية النظريّة، وعلى الرغم من ذلك فيمكن للحكومة أحيانا أن تغيّر قواعد السلوك أو الممارسات التجاريّة من خلال التنظيم أو تسهيل اللوائح، أمّا في النظام الاقتصاديّ الاشتراكيّ يكون العاملون في النظام هم العامل الاسميّ للتغيير، بحيث أنَّ التغيير يكون من قِبل الدولة نيابةً عن العمال وقد يكون هذا التغيير سريعًا أو بطيئًا اعتمادًا على التغيير في الأيديولوجيّة.^[٤]

النظرة إلى العالم View of the world

ينظر الرأسماليّون إلى المجتمعات والدول التي تتبع النظام الاقتصاديّ الرأسماليّ، والتي تقوم على حرية الأسواق نظرة افتخار باعتبارها منارةً للحرية، كما أنَّهم يفتخرون بالسماح بالحريات الاجتماعيّة والاقتصاديّة التي لم تشهدها الشيوعية والفاشية التي اتبعت الاشتراكيّة، كما أنَّ هذا النظام ينصب في تركيزه على الفرديّة مقابل القوميّة، أمّا النظام الاقتصاديّ الاشتراكيّ، فهو يسعى من أجل هدف ديمقراطيّ مشترك للمجتمع من خلال اعتبار الاشتراكيّة حركةً لكل من العمّال والطبقة الوسطى.^[٤]

الأفكار Ideas

إنَّ من أشهر الأفكار التي نادى بها النظام الاقتصاديّ الرأسماليّ هي فكرة "دعه يعمل دعه يكن"، لذلك فإنَّ النظام الرأسماليّ يعارض تدخل الحكومة في الاقتصاد، وذلك بسبب الاعتقاد بأنَّ تدخل الحكومة يؤدي إلى عدم الكفاءة، أي يجب على الحكومة ألا تختار الفائزين والخاسرين، وأن تجعل الأسواق حرة حتى تتنج أفضل نتيجة اقتصاديّة للمجتمع، وبالمقابل فإنَّ الفكرة التي دعا لها النظام الاقتصاديّ الاشتراكيّ هي فكرة وجوب أن يكون لدى جميع الأفراد في المجتمع إمكانيّة الوصول إلى المواد الأساسيّة للاستهلاك والسلع العامة، لأنَّ ذلك باعتقادهم سيسمح بتحقيق الذات، ويرى النظام الاشتراكي أنَّ الصناعات الكبيرة هي عبارة عن جهود جماعيّة؛ وبالتالي يجب أن تعود عوائد هذه الصناعات بالفائدة على المجتمع ككل.^[٤]