يعد الناتج القوميّ الإجماليّ GNP من المقاييس التي تهتم بإجمالي قيم السلع والخدمات التي يقدمها مواطنو الدولة بغض النظر عن موقعهم، ويعد هذا المقياس اليوم من أهم المقاييس التي ينظر إليها لمعرفة مدى نشاط وصحة الاقتصادات في الدول، كما يستخدم في مقارنة تطوّر هذه الاقتصادات ببعضها البعض، وسيتناول هذا المقال مفهوم الناتج القوميّ الإجماليّ والفرق بينه وبين الناتج المحليّ الإجماليّ وأهميته والناتج القوميّ الإجماليّ للفرد والدولة ومحدداته والعوامل التي تؤخذ بعين الاعتبار عند حسابه.[١]
ما هو الناتج القومي الإجمالي؟
يقصد بالناتج القوميّ الإجماليّ Gross National Product إجمالي القيمة السوقيّة لجميع المنتجات والخدمات النهائيّة التي ينتجها اقتصاد الدولة من خلال وسائل الإنتاج التي يملكها سكانها وخلال فترة زمنيّة محددة غالبًا ما تكون سنةً واحدةً، ويعد الناتج القوميّ الإجماليّ مؤشرًا مناسبًا لقياس مستوى النشاط الاقتصاديّ في الدولة.[٢]
ما هي العوامل التي يجب مراعاتها عند حساب الناتج القومي الإجمالي؟
لحساب الناتج القوميّ الإجماليّ في الاقتصاد يجب الأخذ بعين الاعتبار عدّة عوامل تؤثر عليه وتتسبب في تغيّره إما بالزيادة أو النقصان، وما يلي ذكر لأهم هذه العوامل:[٣]
- جودة الحياة Quality of Life.
- المعاملات غير السوقية Non-market Transactions.
- الهيكل الإنتاجيّ Structure of Production.
- توافر السلع الاستهلاكيّة الأساسيّة Availability of Essential Consumer Goods.
- العوامل الخارجيّة Externalities.
كيف يُحسب الناتج القومي الإجمالي؟
ويتم حسابه بشكل عام عن طريق أخذ مجموع نفقات الاستهلاك الشخصي والاستثمار المحليّ الخاص والنفقات الحكوميّة وصافي الصادرات وأيّ دخل يحصل عليه المقيمون من الاستثمارات الخارجيّة، ويطرح منه الدخل المكتسب داخل الاقتصاد المحليّ من قبل المقيمين الأجانب.
الناتج القومي الإجمالي= الناتج المحلي الإجمالي+ صافي الدخل من الخارج- صافي تدفق الدخل إلى الدول الأجنبية
معادلة الناتج القومي الإجمالي
Y=C+I+G+X+Z
حيث إنَّ:
- C: الإنفاق الاستهلاكي.
- I: الاستثمار.
- G: الإنفاق الحكومي.
- X: صافي الصادرات.
- Z: صافي الدخل.
ما الفرق بين الناتج القوميّ الإجماليّ والناتج المحليّ الإجماليّ؟
يمثل الناتج القوميّ الإجماليّ إنتاج مواطني الدولة داخل وخارج حدودها واستثناء الدخل الذي يحققه الأجانب داخلها، أمَّا الناتج المحلي الإجمالي، فيمثل إجمالي الإنتاج من السلع والخدمات من قبل المواطنين والأجانب داخل حدود الدولة، كما يعد كل من الناتج القوميّ الإجماليّ والناتج المحليّ الإجماليّ من أكثر المقاييس استخدامًا لاقتصادات الدول، ويمثل كلاهما القيمة السوقيّة الإجماليّة لجميع السلع والخدمات المنتجة خلال فترة محددة، على الرغم من وجود اختلاف بينهما في كيفية قياس الناتج، ويجدر بالذكر أنَّه إذا تجاوز الناتج القوميّ الإجماليّ في دولة ما ناتجها المحليّ الإجماليّ، فذلك يشير إلى أنَّ مواطنيها وشركاتها يقدّمون تدفقات صافيةً كبيرةً إلى الدولة من خلال عملياتهم الخارجيّة، وقد يشير الناتج القوميّ الإجماليّ المرتفع إلى أنَّ الدولة تزيد من عملياتها الماليّة الدوليّة أو تجارتها أو إنتاجها، [٦]
ما أهمية الناتج القومي الإجمالي؟
تبرز أهمية الناتج القوميّ الإجماليّ في ما يأتي:[٢]
الاعتماد عليه كأحد المؤشرات الاقتصادية المهمة
يعتمد صناع القرارات الاقتصاديّة والسياسيّة على الناتج القوميّ الإجماليّ كأحد المؤشرات الاقتصاديّة المهمة، وذلك بسبب أهميّة المعلومات التي يقدّمها عن الإنتاج والادّخار والاستثمار والتوظيف، بالإضافة إلى مخرجات الإنتاج للشركات الكبرى والمتغيّرات الاقتصاديّة الأخرى، ويستخدم صناع السياسات هذه المعلومات في إعداد الأوراق السياسيّة والقرارات، والتي قد تستخدم لسن القوانين، والجدير بالذكر أيضًا اعتماد الاقتصاديين على بيانات الناتج القوميّ الإجماليّ لمحاولة تقديم الحلول للمشكلات الاقتصاديّة والوطنيّة مثل التضخم والفقر.
المساعدة في تحليل ميزان المدفوعات
تساعد المعلومات التي يوفّرها الناتج القوميّ الإجماليّ في تحليل ميزان المدفوعات، حيث يتم تحديد ميزان المدفوعات من خلال الفرق بين صادرات الدولة إلى الدول الأجنبيّة وقيمة المنتجات والخدمات المستوردة، ويعني عجز ميزان المدفوعات أنَّ الدولة تستورد سلعًا وخدمات أكثر من قيمة الصادرات، ويعني فائض ميزان المدفوعات أنَّ قيمة صادرات الدولة أعلى من الواردات، وكل هذه المعلومات تساعد الناتج القوميّ الإجماليّ في اتخاذ القرارات المناسبة بناءً عليها.
الناتج القوميّ الإجماليّ للفرد والدولة
يتم استخدام الناتج القوميّ الإجماليّ لقياس المستوى الاقتصادي في الدول، حيث يستخدم للمقارنة بين الدول أو لمقارنة الدولة بنفسها خلال فترات زمنية مختلفة، والجدير بالذكر وجود اختلاف بالطرق التي يُنظر إلى الناتج القوميّ الإجماليّ من خلالها، فإما أن يتم أخذ قيمته كاملةً للدولة أو حساب قيمته للفرد، وكل ذلك في سبيل المحاولة للوصول إلى مقارنة دقيقة تعطي نتائج سليمة يبنى عليها الأحكام والقرارات، وفي ما يأتي بيان لتلك الطرق:
الناتج القومي الإجمالي للفرد GNP per Capita
يعد نصيب الفرد من الناتج القوميّ الإجماليّ الناتج القوميّ الإجماليّ مقسومًا على عدد الأشخاص في الدولة، حيث يسمح ذلك مقارنة الناتج القوميّ الإجماليّ للدول ذات الأحجام السكانيّة المختلفة وبدقة عالية.[١]
الناتج القومي الإجمالي للدولة GNP by Country
يعد الناتج القوميّ الإجماليّ للدولة مقياسًا لقيمة الإنتاج كاملًا داخل حدود الدولة وخلال فترة زمنيّة محددة مضافًا إليه ما أنتجه مواطنو الدولة خارج حدودها مطروحًا منه ما أنتجه الأجانب داخل الدولة، وقد ظهر الاهتمام بالدخل الخارجيّ الذي يحوّله المواطنون بسبب أثره المهم على النمو الاقتصاديّ ومستويات الرفاهية، وعلى الرغم من أنَّ قيمة الناتج القوميّ الإجماليّ للدولة قد تكون جيّدةً، إلا أنَّ ذلك لا يكفي لاستخدامها في المقارنة بين الدول، وذلك لأنَّ المقارنة بها أقل دقة من المقارنة باستخدام الناتج القوميّ الإجماليّ للفرد، لذلك أعادت مؤسسات كبرى النظر عند استخدامه، واستبدلته بمقاييس أكثر دقة، كما فعل البنك الدوليّ الذي استبدله بالدخل القوميّ الإجماليّ (GNI).[١]
ما هي محددات الناتج القومي الإجمالي؟
للناتج القوميّ الإجماليّ في الاقتصاد قيود ومحددات عديدة تؤثر عليه عندما يُرغب بقياسه، وتوضح هذه المحددات كما يأتي:[٧]
القيم الاقتصادية والقيم الاجتماعية
(Economic Versus Social Values)، تعد مشكلة الموازنة بين القيمة الاقتصاديّة التي تركز على القيمة السوقيّة للسلع والخدمات والقيمة الاجتماعيّة التي تهتم بمقدار الرفاهيّة الفعليّة المحققة؛ بسبب استخدام السلع والخدمات مشكلةً قد تؤثر على حساب الناتج القوميّ الإجماليّ، وذلك بسبب الاختلاف بضرورة أخذ القيمة الاجتماعيّة في قياس الناتج القومي الإجماليّ بالإضافة للقيمة الاقتصاديّة، والجدير بالذكر صعوبة معرفة القيمة الاجتماعيّة، بالرغم من أهميتها، وذلك بسبب طبيعتها التي تتأثر بالأحكام الفرديّة والتوقعات، لذلك يصعب إدخالها في قيمة الناتج القوميّ الإجماليّ مع تأثيرها عليه.
التكاليف الاقتصادية والتكاليف الاجتماعية
(Economic Versus Social Costs)، من البديهيات وجود العديد من التكاليف عندما يقوم الاقتصاد بالإنتاج؛ ولذلك تترتب تكلفة اقتصاديّة تتعلق بعوامل الإنتاج وغيرها يكون لها طابع نقديّ؛ وعلى الرغم من ذلك فهذه ليست التكلفة الوحيدة التي يدفعها الاقتصاد عند الإنتاج، فقد يتسبب الإنتاج بتكاليف غير نقديّة له أثرها على المجتمع وهي ما تسمى بالتكاليف الاجتماعيّة أو البيئيّة، والتي ترتبط غالبا بالتلوث البيئيّ أو الأضرار الاجتماعيّة غير الملموسة في المجتمع التي حدثت بسبب شكل من أشكال الإنتاج، لذلك يصعب عند قياس الناتج القوميّ الإجماليّ اعتبار التكلفة الاجتماعيّة فيها على الرغم من تأثيرها.
توزيع الناتج القومي الإجمالي
(Distribution of Gross National Product)، المشكلة بالناتج القومي الإجمالي هي أنَّه لا يقدم أيّ معلومات عن كيفية توزيعه في المجتمع، ويعتقد بعض الاقتصاديين أنَّ المساواة في توزيع الناتج القوميّ عنصر مهم لقياس رفاهيّة الدول ومقارنتها ببعضها البعض.
الدخل والناتج للفرد
(Income and Gross National Product per Capita)، يعد استخدام الناتج القوميّ الإجماليّ للفرد في المقارنة بين رفاهيات الدول أمرًا جيدًا، ويلاحظ أنَّ قيمته تعتمد على عدد السكان في الدولة، وتكمن المشكلة فيما إذا نما عدد السكان بمعدل أسرع من معدل نمو الناتج القوميّ الإجماليّ، فسيظهر ذلك بانخفاض قيمة الناتج القوميّ الإجمالي للفرد الذي يُستخدم للمقارنة، فينعكس على شكل تراجع اقتصاديّ.
الارتقاء بجودة البيانات الأساسيّة
(Upgrading the Quality of Basic Data)، تعد البيانات عالية الجودة من أهم المحددات التي تواجه القياس الصحيح للناتج القوميّ الإجماليّ، فهذه البيانات تواجه صعوبةً في التحصيل، وتحتاج إلى تكاليف ليست بقليلة لإعدادها، بالإضافة لوجود نوعية بيانات جديدة ظهرت بسبب التطوّرات الاقتصاديّة والاجتماعيّة، ومن البيانات التي يجب تحسينها تلك المتعلقة بنصيب المرأة في الدخل القوميّ والقيمة المتغيّرة للتكنولوجيا وطريقة قياسها في الاقتصاد.
أوقات الفراغ القيًمة
(The Value of Leisure)، تعد أوقات الفراغ أو الراحة من الأمور المهمة التي شغلت بال الاقتصاديين، وجعلتهم في محاولة دائمة لقياسها وإدخالها في حسابات الإنتاج، فأوقات الفراغ تعني بشكل أو بآخر وجود تحسّن في رفاهيّة المجتمع، وعلى الرغم من ذلك فلا يوجد مقياس لقياس هذا التحسن، وتنعكس أوقات الفراغ بصورة واضحة عند النظر في إنتاجيّة العمّال التي ترتفع مع تطوّر التكنولوجيا، مما يؤثر بشكل أو بآخر على حساب الناتج القوميّ الإجماليّ الذي يرى أنَّ المجتمع ما زال يتمتع بنفس كميّة السلع والخدمات، ولكن بساعات عمل أقل أي وجود تطوّر في المستوى الاقتصاديّ، ولكنَّ ذلك يصعب قياسه؛ مما يجعل أوقات الفراغ من المحددات كثيرة التأثير على الناتج القوميّ الإجماليّ.
التغيرات النوعية في الناتج القومي الإجمالي
(Qualitative Changes in the Gross National Product)، يصعب استخدام الناتج القوميّ الإجماليّ عند المقارنة خلال فترات زمنيّة طويلة، فهو يحسب بالقيمة النقديّة التي قد تتأثر باختلاف الأزمنة وبمعدلات التضخم، لذلك يسعى الاقتصاديون الآن إلى إيجاد طريقة مرضية تسمح بقياس الناتج القوميّ الإجماليّ، دون أن يتأثر باختلاف النقاط الزمنيّة.
تكوين المخرجات
(The Composition of Output)، يعد إعداد النتائج الاقتصاديّة التي تعتمد على قيمة الناتج القوميّ الإجماليّ من المشكلات التي تواجه الاقتصاديين والمهتمين، وذلك لأنَّ قيمة الناتج القوميّ الإجماليّ تكون مجملة بدون تفاصيل مهمة عمّا تم إدخاله فعليًا وما قد تأثّر به، مثل إدخاله للإنفاق الحكوميّ عند الحساب، إلا أنَّه لا يوضح تمامًا ما تم إدخاله من بنود، بالإضافة إلى أنَّ قيمة الناتج القوميّ الإجماليّ قد لا تعبر عن الظروف وخاصة المميّزة منها التي مرّت بها الدولة عند قياسه، مثل ظهور الناتج القوميّ الإجماليّ الحقيقيّ خلال وقت الحرب في حالة زيادة، وهذه الزيادة لا تمثل بالضرورة زيادةً في رفاهية الناس.
المراجع
- ^ أ ب ت KIMBERLY AMADEO (23/9/2020), "Gross National Product and Its Differences from Gross Domestic Product", thebalance, Retrieved 18/10/2021. Edited.
- ^ أ ب "Gross National Product", corporatefinanceinstitute, Retrieved 18/10/2021. Edited.
- ↑ Deepali pal, "Computing Gross National Income: 6 Factors to Consider", economicsdiscussion, Retrieved 18/10/2021. Edited.
- ↑ The Editors of Encyclopaedia Britannica, "Gross national product", britannica, Retrieved 18/10/2021. Edited.
- ↑ THE INVESTOPEDIA TEAM (18/2/2021), "Gross National Product (GNP)", investopedia, Retrieved 18/10/2021. Edited.
- ↑ SHOBHIT SETH (28/4/2021), "GDP vs. GNP: What's the Difference?", investopedia, Retrieved 18/10/2021. Edited.
- ↑ M.Agarwal, "8 Major Limitations of Gross National Product (GNP)", economicsdiscussion, Retrieved 18/10/2021. Edited.