الركود: مفهومه، وآثاره

ما المقصود بالركود؟

يشير مفهوم الركود Recession إلى الانخفاض الكبير في النشاط الاقتصاديّ العام في دولة ما وخلال وقت معين، ويمكن أن يتضح حدوث الركود من خلال متابعة التغييرات التي تحدث على الناتج المحليّ الإجماليّ والذي يؤثر أيضًا على بعض المؤشرات الشهريّة التي يجب قياسها بشكل دوري للتأكّد من التنبؤ المسبق بحدوث الركود، كما يتم الإشارة إلى الركود بأنَّه حالة من التدهور الاقتصاديّ أو النمو الاقتصاديّ السلبيّ الذي يحدث على مدار ربعين من العام نفسه، أي ما يعادل ستة شهور من العام، لذلك لا تشكل كافّة حالات الانخفاض في النمو الاقتصادي ركودًا، هذا وقد يؤدي حدوث الركود إلى إصابة الأفراد بحالة من الهلع في ما يتعلّق بالمستقبل الاقتصاديّ للدولة، والذي يؤثر بدوره على حجم الإنفاق الذي سيقومون به لتلبية احتياجاتهم، كما هو الأمر للاستثمار في الاقتصاد داخل الدولة من قِبل المستثمرين الخارجيين، نظرًا لأنَّ الأمر متعلّق بحجم الخطورة التي قد يواجهها المستثمرون مقارنةً بالأمان الذي يبحثون عنه عند اتخاذهم القرار بشأن طريقة التصرّف بأموالهم.^[١][٢]

ما هي آثار الركود؟

يعد الركود إحدى المشكلات الاقتصاديّة التي تؤثر بشكلٍ مباشر على الجوانب الاجتماعيّة ومظهر حياة الأفراد في الدولة، كما أنَّها ستؤثر على سير الأعمال في الشركات الكبيرة والصغيرة أيضًا، ويمكننا توضيح أبرز هذه الآثار من خلال الاطلاع على النقاط الآتية:^[٣][٤][٥]

الأضرار الاقتصادية

يؤدي حدوث الركود إلى ارتفاع معدلات البطالة بسبب قلة أرباح ومبيعات الشركات، وبالتالي يؤدّي ذلك إلى قيام هذه الشركات أو الجهات بتقليل رواتب الموظفين كحل أوليّ للمشكلة، ولكن عند استمرار الأمر لأكثر من شهر قد تُجبر بعض الشركات على تسريح الموظفين لتقليل النفقات التي ستقوم بدفعها، مما يعني حدوث انخفاض عام في مستوى الدخل لكل فرد في الدولة، والذي سيقلل من الإنفاق في الاقتصاد وفقدان الفرص التي من الممكن أن تتاح للعاطلين عن العمل، عدا عن حدوث انعكاس سلبيّ على الاستثمارات الخاصة برأس المال، بالإضافة إلى العديد من الآثار الاقتصاديّة طويلة الأمد والتي ستمنع حدوث التعافي بشكلٍ أسرع.

التأثير السلبي على قطاع التعليم

يمكن أن يتأثر التعليم أيضًا بحدوث الركود، فمن خلال تسريح الموظفين وانخفاض معدل دخل الأفراد، فإنَّه سيصبح من الصعب على الوالدين تعليم أولادهم بالشكل الناسب، عدا عن ذلك، فَّإن التغذية الصحيحة والصحيّة تعد أساسًا في نمو العقل والجسم السليم للأطفال، ونظرًا لعدم توفر القدرة اللازمة على الإنفاق سيلجأ البعض إلى الأطعمة ذات الجودة الأدنى والتي لا تعطي الفوائد الصحيّة لعمر الأولاد، وبالتالي ستؤثر على التطوّر المعرفيّ والإدراكيّ لديهم، وخصيصًا في حال كانت العائلة تمتاز بالحجم الكبير أو بعدد أولاد كبير.

انخفاض نسب الفرص المتاحة

ينعكس سلبيًّا حدوث الركود الاقتصاديّ على الفرص المتاحة أمام الأفراد والأسر؛ بسبب ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض التوظيف وحدوث الخسائر، بالإضافة إلى زيادة نسبة الفقر، أي أنَّ الفرص التعليميّة والصحيّة والعمليّة ستنخفض، فمثلًا طلاب الجامعات الذين تخرجوا خلال فترة الركود لن يستطيعوا العثور على فرص عمل ملائمة؛ بسبب سوء الوضع الاقتصاديّ للدول.

ارتفاع معدل الفقر

بناءً على ارتفاع حجم البطالة وقلّة الفرص المتاحة أمام الأفراد، وسوء الأوضاع التي ستعيشها الأسر في حال حدوث الركود؛ سيؤدي ذلك إلى انخفاض معدل الدخل لكل فرد مما يقود إلى انتشار الفقر وتفشّيه في المجتمع، لينعكس سلبًا على أفراد المجتمع والوضع الصحيّ والتعليميّ لهم، إضافةً إلى أنَّ الدراسات تؤكد ارتباط مستوى الفقر بارتفاع نسبة الجرائم والاحتيال، فكلما ارتفعت نسبة البطالة، وزادت معدلات الفقر سيدفع ذلك الناس إلى اللجوء نحو الأفعال الخاطئة للحصول على الأموال وتلبية احتياجاتهم واحتياجات عائلاتهم الأساسيّة.

الحراك الاقتصادي

تشكل فترات الركود أحيانًا مدّة أطول من نصف العام؛ مما يعني أنَّها قد تمتد بين الأجيال، أو أنَّ آثار الركود ستنتقل إلى فترات أخرى، فمثلًا إنَّ انخفاض مستوى التعليم في منطقة ما ستظهر عليه آثار الركود الاقتصاديّ على الآفاق المستقبليّة الخاصة بالأفراد والمجتمع للأجيال الأخرى القادمة على مدى السنوات، لذلك لا يمكن اعتبار الركود خاصًا بفترة واحدة فقط، مما سيؤثر على التوزيعات الاقتصاديّة للأفراد كالدخل والثروة على المدى الطويل.

إلحاق الضرر بالاستثمارات الخاصة

يؤدي حدوث الركود إلى تأثر الأعمال كافةً بشكلٍ عام، مما يعني وبطبيعة الحال أنَّ الاستثمارات الخاصة التي يقوم بها الأفراد من رأس المال الذي يملكونه سيتعرّض للضرر من خلال النمو الاقتصاديّ البطيء أو العكسيّ لأعمالهم، والذي سيعمل على التأثير في رغبة المستثمرين في التعامل مع اقتصادات الدول المتضررة؛ وبالتالي معدلات إنفاق أقل في هذه الدول وانخفاض الحوافز التي تشجّع المستثمرين على المخاطرة بأموالهم.