ما هي أسباب عجز الموازنة؟

يُعد عجز الموازنة Budget deficit مؤشرًا ماليًّا يدلّ على صحة الاقتصاد والوضع الماليّ للدول، ويلاحظ أنَّ هذه المشكلة تواجه العديد من الدول لذلك يسعى الاقتصاديّون لإيجاد حلول لها، فعند الحديث عن عجز الموازنة فإنَّه يُعرف فورًا أنَّ الحكومة تواجه التزامات دفع للنفقات أعلى من الإيرادات، وبالنسبة للاقتصاد يكون العجز صحيًا أكثر إذا ما كان سببه الإنفاق على البُنية التحتيّة أو الاستثمارات التي لها عوائد مستقبليّة، ويكون العجز في الموازنة الذي سببه النفقات العشوائيّة فقط أكثر سوءًا ويصعب إيجاد الحلول له، وسيطرح هذا المقال الأسباب التي تؤدّي إلى حدوث عجز في الموازنة.^[١]

ما هي أسباب عجز الموازنة؟

يعد العجز في الموازنة العامة من أهم العقبات التي تواجه الدول والحكومات عند إعدادهم لموازناتهم أو مراجعتها، فلذلك لا بدَّ من معرفة الأسباب المؤدّية لظهور العجز في الموازنة، ومن هذه الأسباب ما يأتي:

السياسة Politics

تعد السياسة أحد أهم الأسباب الرئيسة المسببة في حدوث عجز في الموازنة أو جعل عجز الموازنة يحدث بصورة حرجة أكثر فعندما تنفق الحكومة أكثر مما تحصل عليه من الإيرادات ستسبب عجزًا في موازنتها، وسيترتب على ذلك أن تتخذ قرارات سياسيّة صعبة ينتج عنها عواقب ونتائج عديدة، ومن الأمثلة على هذه القرارات:

• زيادة الضرائب.
• خفض الإنفاق العام.
• الاقتراض الذي سيسبب زيادة كبرى في الدين.

ويبرز دور السياسة في هذه القرارات أنَّها غير محبوبة وليس لها شعبية بين الناس ولن تحظى بفرصة لدى الناخبين للحكومات ومع ذلك فإنَّ الاستمرار في العجز هو أفضل حل قصير المدى ولكنَّه مسبب لتراكم الديون وسيصبح مشكلة للحكومة القادمة بدلاً من الحكومة الحاليّة التي تحاول تلميع صورتها على الرغم من أنّ زيادة الضرائب أو تقليل الإنفاق العام سيضرّ بالحكومة الحالية على المدى القصير ولكنَّها ستستمر عليه، وكثيرًا ما يستخدم الإنفاق العام عند حدوث عجز في الموازنة في الفترة التي تسبق الانتخابات لأنَّ زيادة الإنفاق تهدف إلى تحفيز الاقتصاد وتحسين الصورة العامة للحكومة على المدى القصير، والأسوأ من ذلك أن يستمر هذا الإنفاق بعد الانتخابات فيزداد عجز الموازنة بصورة أكبر وكل ذلك بهدف سعي الحكومات للفوز بأصوات الناخبين.^[٢]

أسباب دورية Cyclical Reasons

عندما يمرّ الاقتصاد في فترة الانكماش الاقتصاديّ يمكن أن تنخفض الإيرادات الحكوميّة بسرعة كبيرة كما حدث خلال الأزمة الماليّة العالميّة لأغلب دول العالم في عام 2008، وذلك لإنَّ الإيرادات انخفضت بسبب فقدان الأشخاص لوظائفهم بسبب الأزمة الماليّة وسيؤدي ذلك إلى زيادة التكاليف بسبب الحاجة لزيادة الإنفاق على إعانات البطالة ودعم الدخل، أي ستنخفض الدخول مسببةً انخفاض في الإيرادات وسيزداد الإنفاق في نفس الفترة مسببًا حدوث عجز لا يستهان به في الموازنة.^[٢]

مدفوعات الفوائد Interest Payments

تعاني العديد من الدول من حدوث عجز مستمرّ في الموازنة ولذلك تحاول حلّ هذه المشكلة مؤقتًا من خلال الاقتراض الذي يُسبب تراكمًا للديون عليها، ولا تقف المشكلة على تراكم هذه الديون فحسب وإنَّما سيزداد مبلغ الفائدة الذي سيتوجب دفعه بصورة ثابتة وهذا الالتزام بدفع هذه الفوائد سيؤدّي إلى زيادة الإنفاق وكل ذلك يمكن أن يسبب عجزًا في الموازنة، والمشكلة الحقيقية أن تستمرّ هذه الدول بالاقتراض لمحاولة دفع هذه الفوائد ومنعها من التراكم أو الزيادة مما سيؤدّي إلى عجز آخر، وكل ذلك يعمل في حلقة مفرغة تستمر في خلق عجز في الموازنة على المدى الطويل.^[٢]

العجز المالي الكينزي Keynesian Fiscal Deficits

تعدُّ السياسة سببًا قويًا مؤثرًا في عجز الموازنة إلَّا أنَّ فكرة الإنفاق الحكومي يمكن أن تحفز النمو الاقتصاديّ، وهذه الفكرة التي نشأت من جون مينارد كينز John Maynard Keynes قبل الحرب العالمية الثانية، ويكمن محور هذه الفكرة بأنَّه إذا أنفقت الحكومة فإنَّها تخلق طلبًا وبالتالي تحفّز الاقتصاد، ولكنَّ المشكلة هنا بحدوث تحفيز على المدى القصير فقط، كما تمَّ تصميمه ليتم استخدامه في فترات التدهور الاقتصاديّ كمحاولة لإنعاش الاقتصاد ولكنَّه الآن يستخدم كوسيلة لتسريع النمو الاقتصاديّ مما يسبب مشكلات لعجز الموازنة فعندما يزداد اقتراض الحكومات وإنفاقها فستقلّ الأموال المتاحة للمؤسسات في القطاع الخاص للاستثمارها في الاقتصاد.^[٢]

أسباب أخرى تحدث عجزًا في الموازنة

يمكن أن ينجم عجز الموازنة بسبب عوامل أخرى غير المذكورة سابقًا، مثل:^[٣]

• التخفيضات الضريبية التي تقلل الإيرادات.
• انخفاض الناتج المحلي الإجمالي GDP.
• التصميم السيء للهياكل الضريبية، مثل أن يدفع أصحاب الدخل المرتفع ضرائب أقل، ويدفع أصحاب الدخل المنخفض ضرائب أكثر.
• الإنفاق المرتفع على البرامج الحكوميّة مثل؛ برامج الرعاية الصحيّة، والضمان الاجتماعيّ.
• الإنفاق العسكريّ المرتفع.
• الإنفاق الكبير على دعم الصناعات المختلفة.