مفهوم القوة الشرائية

يعد مصطلح القوة الشرائيّة من أكثر المصطلحات المتداولة في الحياة اليوميّة وفي علم الاقتصاد وكمثال عليه إذا كانت تكلفة جهاز الكمبيوتر قبل عامين تبلغ 1000 دولار بينما تبلغ تكلفتها اليوم 500 دولار سيشهد المستهلكون ارتفاعًا في القوة الشرائيّة؛ ففي الوقت الحاليّ وبافتراض عدم وجود التضخم يمكن للمستهلك أن يقوم بشراء جهازيّ كمبيوتر مقابل 1000 دولار،^[١] وبناءً على ما سبق فما هو مفهوم القوة الشرائية؟

مفهوم القوة الشرائية Purchasing power

يُشير مصطلح القوة الشرائيّة أو القدرة الشرائيّة إلى قيمة العملة والتي يعبر عنها من حيث عدد السلع أو الخدمات التي يمكن شراؤها بواسطة وحدة واحدة من المال، وتؤثر القوة الشرائيّة في جميع جوانب الاقتصاد ابتداءً من المستهلكين الذين يشترون البضائع إلى المستثمرين وأسعار الأسعار وحتى الازدهار الاقتصاديّ للدولة؛ فعندما تنخفض القوة الشرائيّة للعملة ستنشأ عواقب اقتصاديّة سلبية بما فيها ارتفاع تكاليف السلع والخدمات التي تؤدّي إلى ارتفاع تكلفة المعيشة إضافةً إلى ارتفاع أسعار الفائدة العالميّة وانخفاض التصنيفات الائتمانيّة وغيرها مما قد يؤدي إلى حدوث أزمة اقتصاديّة.

وعلى سبيل المثال إذا كان الراتب الذي يأخذه شخص قبل 40 عام يحقق مستوى معيشي معين فإنَّ هذا الشخص سيحتاج إلى راتب أكبر منه بكثير حتى يستطيع الحفاظ على نفس المستوى المعيشيّ في الوقت الحاليّ؛ وذلك لأنَّ التغيّر في القيمة الشرائيّة أدّى إلى تقليل عدد السلع والخدمات التي يمكن حيازتها بواسطة الوحدة الواحدة من العملة ذاتها.^[١]

تاريخ القوة الشرائية

أظهرت الأمثلة التاريخيّة للتضخم الشديد أنَّ هناك عدّة أسباب أدّت لظاهرة تدمير القوّة الشرائية للعملة والتي غالبًا ما تسببت بها الحروب وأدّت إلى انهيارات اقتصاديّة ففي أعقاب الحرب العالميّة الأولى عانت ألمانيا من تحديات وصعوبات اقتصاديّة شديدة من تضخم مفرّط وغير مسبوق وانعدام للقوّة الشرائيّة للعملة؛ وكان ذلك نتيجةً للتعويضات التي كان على ألمانيا دفعها فقامت بطباعة الأوراق النقديّة لشراء العملات الأجنيّة حتى تقوم بدفع التعويضات من خلالها مما أدّى إلى ارتفاع معدلات التضخم بشكل كبير وانعدام القوة الشرائيّة للعملة الألمانيّة.^[١]

كيف تُحسب القوة الشرائية للعملة؟

يتم قياس القوّة الشرائيّة للعملة باستخدام مؤشر أسعار المستهلك CPI والذي يوضّح التغيّر في سعر سلة محددة من السلع والخدمات في سوق معين وبمرور الوقت بفترة أساسيّة محددة؛ حيث يقوم بقياس التغيّر بقيمة العملة من خلال السلع والخدمات التي يشتريها المستهلك بالعملة خلال تواريخ مختلفة، وبشكل عام فإذا ارتفع مؤشر أسعار المستهلك لعملة ما فإنَّ القوة الشرائيّة لتلك العملة ستنخفض ممّا يعني وجود علاقة عكسية.^[٢]

انخفاض وارتفاع القوة الشرائية

تتعرّض القوّة الشرائيّة للربح أو الخسارة ويتم ذلك من خلال الزيادة أو النقصان في كمية الأشياء التي يمكن للمستهلك شراؤها بمبلغ معين من المال، حيث تنخفض القوّة الشرائيّة عندما ترتفع الأسعار بينما ترتفع القوّة الشرائيّة عند انخفاض الأسعار، وتتعرّض القوّة الشرائيّة للسياسات الحكومية والتضخم والكوارث الطبيعية والتي تؤدّي إلى انخفاضها، أمَّا أسباب زيادتها فتكمن في الانكماش والابتكار التكنولوجيّ.^[١]

تعادل القوة الشرائية Purchase power parity

تعادل القوّة الشرائيّة ويشار إليها بالاختصار PPP وهي نظريّة اقتصاديّة تقارن القوّة الشرائيّة لعملات العالم المختلفة مع بعضها البعض أو بمعنى آخر يمكن القول أنَّه سعر الصرف النظريّ الذي يمكن من خلاله شراء نفس الكمية من السلع والخدمات بعملة أُخرى إذ يشير حساب تعادل القوة الشرائيّة إلى مقدار تكلفة الأشياء التي تحتاجها الدول إذا استخدمت جميعها العملة ذاتها.

ويستند تعادل القوة الشرائيّة على نظريّة اقتصاديّة مناطها أنَّ أسعار السلع والخدمات يجب أن تتساوى بين البلدان مع مرور الوقت، ومن الجدير بالذكر أنَّ البنك الدولي يقوم بحساب تعادل القوّة الشرائيّة لجميع دول العالم ويوفّر خريطةً توضع نسبة التعادل مقارنةً بالولايات المتحدة الأمريكية وبناءً على ذلك يقوم الاقتصاديون باستخدام تعادل القوة الشرائية لتحديد الدولة التي لديها أكبر اقتصاد في العالم.^[٣]

ما هي العوامل المؤثرة في القوة الشرائية؟

نادرًا ما تبقى قيمة العملة في أيّ بلد ثابتة إذ إنَّها تخضع إلى تقلّبات بشكل مستمرّ وتحدث هذه التقلبات تبعًا للعديد من العوامل ويعد معرفة العوامل المؤثرة على أسعار العملات أمرًا هامًا حيث يمكن أن تؤثر هذه العوامل على كيفية تداول دولة مع دولة أخرى أما بالنسبة للأفراد فقد تؤثر هذه العوامل على مقدار الأموال التي يمكن للفرد الحصول عليها عند استبدال عملة بأخرى، ومن هذه العوامل:^[٤]

• التضخم.
• أسعار الفائدة.
• العرض والطلب.
• معدلات الضرائب.
• توافر الائتمان.
• الدين العام.
• الاستقرار السياسيّ.
• الصحة أو الأداء الاقتصادي.
• التدخل الحكوميّ في سعر الصرف.

استثمارات للحماية من مخاطر القوة الشرائية

هناك الكثير من الاستثمارات أو الاستراتيجيّات التي يمكن أن تساعد في حماية المستثمرين من مخاطر تغيّر القوة الشرائيّة فتعد سندات الدين ومثلها من الاستثمارات التي ترتبط بمعدل عائد ثابت الأكثر عرضةً لمخاطر القوّة الشرائيّة كما تندرج الأقساط السنويّة الثابتة وشهادات الإيداع وسندات الخزنة ضمن هذه الفئات، وفي الجهة الأخرى يوجد الكثير من الاستثمارات أو الاستراتيجيّات التي يمكن أن تساعد في التخفيف من مخاطر القوّة الشرائيّة؛ كالنفط والمعادن حيث إنَّها تتمتع بقوّة تسعير لا تتأثر كثيرًا أثناء التضخم.^[١]