تعد الأزمة الماليّة العالميّة أشدَّ أزمة ماليّة حدثت منذ وقوع الكساد العظيم؛ فقد أحدثت فوضى في الأسواق الماليّة في جميع أنحاء العالم، والتي أدّت إلى حدوث أزمة في قطاع الإسكان في الولايات المتحدة الأمريكية؛ ومن ثمَّ انهيار بنك ليمان براذرز، والذي كان يعد أحد أكبر البنوك الاستثماريّة في العالم، ممّا دفع تلك الأزمة إلى الامتداد والانتشار إلى العديد من المؤسسات الماليّة والشركات الرئيسة والذي ساهم في انهيارها؛ ممّا تطلّب اتخاذ إجراءات إنقاذيّة حكوميّة غير مسبوقة، والتي استغرقت فترةً طويلةً من الزمن ممّا أثر على الاقتصاد العالميّ ككل،[١] فما هي أزمة الرهن العقاريّ؟


ما هي أزمة الرهن العقاري؟

أزمة الرهن العقاريّ subprime mortgage crisis أو ما يسمى بالأزمة الماليّة العالميّة عام 2007-2008، وهي أزمة حدثت تبعًا للانكماش الحاد في السيولة في الأسواق الماليّة العالميّة التي نشأت في الولايات المتحدة الأمريكية نتيجةً لانهيار سوق العقارات في الولايات المتحدة، والتي هددت بتدمير النظام الماليّ الدوليّ، وسببت فشلًا ذريعًا للعديد من البنوك الاستثماريّة والتجاريّة الكبرى ومقرضي الرهن العقاريّ، إضافةً إلى شركات التأمين وجمعيات الادّخار والقروض، وقد كانت كذلك أحد أسباب الركود العظيم، والذي يعد أسوأ انكماش اقتصاديّ حدث منذ الكساد العظيم.[٢][٣]


حدثت هذه الأزمة نتيجةً لإنشاء البنوك أوراقًا ماليّةً مدعومةً بالرهن العقاريً، وقد قامت شركات التأمين بتغطيتها بمقايضات التخلّف عن السداد؛ ممّا أدى إلى حدوث طلب متزايد على الرهون العقاريّة والتسبب بحدوث فقاعة في قطاع الإسكان وارتفاع معدلات الفائدة إلى جانب حدوث انخفاض في أسعار المساكن وتعثر المقترضين؛ مما ساهم فيما يسمى بالأزمة الماليّة العالميّة.[٢][٣]


ما هي أسباب حدوث أزمة الرهن العقاري؟

حدثت أزمة الرهن العقاريّ نتيجةً لأسباب عدّة لعبت دورًا في حدوثها، ومن العوامل التي أثرت في نشأة الأزمة الماليّة العالميّة ما يتضح في النقاط الآتية:[٣]

صناديق التحوط

لعبت صناديق التحوط Hedge Funds دورًا رئيسًا في الأزمة الماليّة؛ حيث إنَّها تعرّضت لضغوط هائلة؛ فقد تمَّ حدوث طلب شديد على الأوراق الماليّة المدعومة بالرهن العقاريّ من خلالها تغطيتها من قِبل شركات التأمين؛ ومن ثمَّ قام البنك الاحتياطيّ الفيدراليّ برفع أسعار الفائدة؛ مما جعل أصحاب الرهون العقاريّة غير قادرين على تسديد المدفوعات المرتفعة التي ترتبت عليهم، فانخفض بعدها الطلب؛ مما ساهم في انخفاض أسعار العقارات والمساكن، غير أنَّ المقترضين لم يتمكنوا من بيع مساكنهم، فأجبرهم ذلك على التخلّف عن السداد، وفي الأعوام السابقة وتحديدًا عام 1999 سُمح للبنوك بالتصرف في أموال صناديق التحوط، فقامت البنوك باستثمار أموال تلك الصناديق في صناديق تحوط أخرى خارجيّة، وهذا ما تسبب في حدوث أزمة المدخرات.


استخدام المشتقات المالية

أدى استخدام المشتقات الماليّة إلى تأثير كبير في حدوث الأزمة؛ إذ سمحت الأوراق الماليّة المدعومة بالرهن العقاريّ للمقرضين تجميع قروضهم في حزمة وإعادة بيعها، ففي القروض التقليديّة يسمح هذا للبنوك الحصول على المزيد من الأموال للإقراض، وقد أدى كذلك إلى ظهور مشكلة أخرى وهي زيادة السيولة في السوق التي ساهمت في خفض الأسعار في قطاع الإسكان.


التراجع في أسعار العقارات

أدّى التراجع في أسعار العقارات إلى حدوث كارثة؛ ففي عام 2006 عندما بدأت أسعار المساكن في الانخفاض لم يستطع المقترضون الذين قد ضُمنت قروضهم بالرهن العقاريّ بيع منازلهم بسعر أعلى للبنوك إلى جانب أنَّ البنوك لم تكن على استعداد لإعادة التمويل؛ نظرًا لأنَّ قيمة المساكن أصبحت أقل من قيمة الرهن العقاريّ فتخلّف المقترضون عن السداد.


عدم معالجة قيمة الأصول المحاسبية

أدى عدم معالجة قيمة الأصول المحاسبيّة إلى جعل الأمور أكثر سوءًا؛ ويرجع ذلك إلى قيام البنوك في البداية برفع قيمة أوراقها الماليّة المدعومة بالرهن العقاريّ مع ارتفاع تكاليف الإسكان، حتى تشجع على الائتمان المقرون بالرهن العقاريّ ولكن عندما انخفضت أسعار الأصول كان على البنوك تخفيض قيمة سنداتها العقاريّة عالية المخاطر محاسبيًا.


ما هي آثار ونتائج أزمة الرهن العقاري؟

خلّفت أزمة الرهن العقاريّ عدة آثار ونتائج ماليّة واقتصاديّة، وغيرها ومن أهمهما ما يأتي: [٤]

  • انخفاض القيمة الماليّة لمالكي العقارات الأمريكية بما يقارب 17 ترليون دولار، وذلك من حيث معدلات التضخم التي كانت سائدة، والذي يعادل خسارةً بنسبة 26%.
  • انخفاض الناتج المحليّ الإجماليّ للولايات المتحدة بنسبة 7% بعد ما يقارب 10 سنوات من حدوث الأزمة.
  • انخفاض كبير في معدل البطالة فقد فُقدت ما يقارب 7.5 مليون وظيفة بين عامي 2007 - 2009 وهو ما يمثل ضعف معدل البطالة.
  • حدوث ركود للاقتصاد وقد كان التعافي منه بطيئًا جدًا، وقد سبب بفقدان الكثير من الناس لمنازلهم أو أعمالهم ومدخراتهم، بالإضافة إلى فقدان مئات العمال لوظائفهم، كما خسر الكثير من المدراء الرئيسين في الشركات الماليّة والبنوك خسارات ماليّة، ومنهم من خسر وظائفهم نتيجةً لسوء إدارتهم.


المراجع

  1. Peter Bondarenko, "5 of the World’s Most Devastating Financial Crises", Britannica, Retrieved 23/10/2021. Edited.
  2. ^ أ ب Brian Duignan, "Financial crisis of 2007–08", britannica, Retrieved 23/10/2021. Edited.
  3. ^ أ ب ت Kimberly Amadeo (17/9/2020), "The Causes of the Subprime Mortgage Crisis", The balance, Retrieved 23/10/2021. Edited.
  4. Brian Duignan, "Financial crisis of 2007–08", britannica, Retrieved 24/10/2021. Edited.