أهم المعلومات عن البنك المركزي

تمتلك كل دولة بنكًا مركزيًّا خاصًّا بها ويمتلك هذا البنك المركزيّ صفةً قانونيّةً ورسميّةً ويعتبر جهةً عامةً، ويقوم هذا البنك بإدارة الاقتصاد في البلد عن طريق أدوات معيّنة يتم استخدامها بالتنسيق مع الحكومة متمثلةً بوزارة الماليّة، فهو الذي يقوم بطباعة النقد واتخاذ العديد من القرارات التي تؤثر على حياة الأفراد في الدولة، كقيام البنك المركزي مثلاً برفع أو خفض أسعار الفائدة المفروضة على البنوك التقليديّة الموجودة في ذلك البلد بحيث تقوم هذه البنوك بتحميل الارتفاع أو تقليل نسب الفائدة على المتعاملين نتيجةً للقرار الذي تمَّ اتخاذه من قِبل البنك المركزيّ، فلذلك فإنَّ من غير الممكن أن يقوم البنك المركزيّ باتخاذ أيّ قرار بدون دراسة كبيرة وعناية فائقة بسبب الآثار السلبيّة التي ستؤثر على اقتصاد الدولة إذا كان القرار غير صائب، ^[١] ويختصّ البنك المركزيّ بالعديد من الخصائص والوظائف التي تميّزه عن البنوك التجاريّة، فما هو البنك المركزيّ؟ وما هي أسباب ظهور البنك المركزيّ؟ وما هي أهم وظائف البنك المركزيّ؟ وما هي أدوات البنك المركزيّ؟

ما هو البنك المركزي؟

يعرف البنك المركزي Central bank بأنَّه مؤسسة ماليّة حكوميّة يتم منحها صلاحية التحكم بالإنتاج وتوزيع الأموال والائتمان للدولة وتنظيم البنوك فهو مؤسسة مستقلة سياسياً تتخذ القرارات المتعلقة بالاقتصاد بحرية، ويتم حماية هذه الصلاحية من قِبل القانون، وهو البنك المسؤول عن صياغة السياسة النقديّة للدولة، وتخضع معظم البنوك المركزيّة لمجلس إدارة يتألف من البنوك الأعضاء فيه، والرئيس المنتخب هو الذي يعين مدير البنك المركزيّ والذي يسمى بالمحافظ، وهنالك سمة تميّز البنك المركزيّ عن البنوك الأخرى أنَّ وضعه الاحتكاريّ القانونيّ يمنحه امتيازًا لإصدار الأوراق النقديّة.^[٢]

أسباب ظهور البنوك المركزية

تعتبر أولى نماذج البنوك المركزيّة الحديثة هي كل من بنك إنجلترا وبنك ريكسبانك في السويد، والتي ترجع إلى فترة غير طويلة نسبياً في القرن السابع عشر تقريبًا، حيث يعد بنك إنجلترا هو أول بنك يقوم بوظائف البنك المركزيّ فهو أول من اختص بدور المُقرض كملاذ أخير للبنوك التجاريّة، وبعدها توالى إنشاء هذه البنوك بشكل متتابع، مثل بنك نابليون الفرنسيّ وبنك الرايخ الألمانيّ، وكانت وظيفة هذه البنوك المركزية في أوروبا في البداية تقديم التمويلات للحكومة لشنّ الحروب وشراء الأسلحة بسب كثرة الحروب التي توالت في هذه الحقبة، ولذلك تمَّت معارضة إنشاء البنوك المركزيّة في الولايات المتحدة من قِبل مؤسسي الولايات المتحدة الأمريكيّة.^[٣]

وعلى الرغم من معارضة إنشاء البنوك المركزيّة، فقد تمَّ إنشاء بنك مركزيّ في الولايات المتحدة الأمريكيّة؛ بسبب تعرّض الولايات المتحدة لاحقًا لسلسلة من الذعر المصرفيّ في أعوام 1873 إلى 1907، فقد أنشأ الكونجرس الأمريكيّ في عام 1913 نظام الاحتياطي الفيدراليّ و 12 بنكًا احتياطيًا فيدراليًا إقليميًا في جميع أنحاء الولايات المتحدة من أجل لتحقيق الاستقرار في النشاط الماليّ والعمليات المصرفيّة، ولكنَّ الاحتياطيّ الفيدراليّ الجديد أولى اهتماماته لتمويل الحرب العالميّة الأولى والحرب العالميّة الثانية من خلال إصدار سندات الخزانة.^[٣]

كما تمَّ ربط العملات العالميّة بمعيار الذهب لذلك فقد كان الحفاظ على استقرار الأسعار أسهل كثيرًا بسبب محدوديّة الذهب، ولهذا السبب أصبح من غير الممكن أن يحدث هنالك توسع نقديّ من خلال القرارت السياسيّة لطباعة المزيد من النقود، ممّا أدى إلى السيطرة على التضخم بشكل أسهل، فقد كانت مسؤولية البنك المركزيّ في ذلك الوقت الحفاظ على قابلية تحويل الذهب إلى عملة، ولكن مع نشوب الحرب العالميّة الأولى أصبحت البنوك المركزيّة تطبع المزيد من النقود بدون غطاء من الذهب الأمر الذي أدّى لاحقاً إلى مشكلات اقتصادية كبيرة مثل التضخم، وكانت هذه الشرارة التي أشعلت الاهتمام باستقلاليّة البنوك المركزية عن السياسة، وإرجاعه إلى الأسباب التي تمَّ إنشاؤه من أجلها.^[٣]

ما هي خصائص البنك المركزي؟

يمتلك البنك المركزي العديد من الخصائص التي تميّزه عن البنوك التجاريّة، والتي من أهمها: ^[٤]

البنك المركزي منظمة واحدة

فالبنك المركزيّ منفرد بوجوده فلا يوجد بنك آخر مشابه له في الدولة الواحدة، ولا يمكن إنشاء بنك مركزيّ آخر، ولذلك فهو لا يتنافس مع البنوك الأخرى.

البنك المركزي كيان قانوني

يكتسب البنك المركزيّ صفةً قانونيّةً؛ أي أنَّ إنشاء البنك المركزي يتم بناءً على مرسوم حكوميّ خاص.

البنك المركزي رمز السيادة الاقتصادية

وتشير المركزيّة في اسم البنك إلى السيادة على اقتصاد البلاد أي أنَّه يتم تنظيمه من قِبل هذه السلطة.

البنك المركزي حارس سوق المال

حيث يحصل البنك المركزيّ على صلاحيات كاملة تمكنه من السيطرة على أسواق المال في البلد، فمن واجبات البنك المركزيّ تنظيم سوق رأس المال ومراقبته وإدارته.

البنك المركزي مسؤول عن طباعة النقود

يتحكم البنك المركزيّ في حجم النقد في الدولة وفقًا لمتطلبات العمل ومجموع السكان، فهو البنك الوحيد المخول بطباعة النقود بناءً على قرارات تمَّ اتخاذها لمعالجة أمور اقتصاديّة في الدولة، وهي أهم ميزة ينفرد بها البنك المركزيّ عن البنوك الأخرى التي لا يمكنها طباعة المال، ولكن يمكنها مثلاً إصدار السندات أو بعض الأوراق الماليّة التي توافق أحكام القانون في الدولة الموجودة بها.

البنك المركزي مسؤول عن الحفاظ على قيمة العملة

ويقوم هذا البنك بالتحكم بحجم المعروض النقديّ في الدولة بشكل مدروس يهدف بشكل أساسيّ إلى الحفاظ على قيمة عملة الدولة.

البنك المركزي ينظّم غرفة المقاصة

ويتم ترتيب المعاملات بين البنوك في الدولة عن طريق غرفة المقاصة التي ينظمها البنك المركزيّ.

علاقة البنك المركزي الجيّدة مع الحكومة

يعمل البنك المركزيّ بشكل متعاون مع الحكومة المتمثلة بوزارة الماليّة على اتخاذ إجراءات متناسقة بين الطرفين لتحقيق الغاية الاقتصاديّة.

البنك المركزي الملاذ الأخير للإقراض

يكون البنك المركزيّ هو الملاذ الأخير للإقراض فعند وقوع البنوك التجاريّة في البلاد في أزمة اقتصاديّة، فهو يقدّم السلف الائتمانيّة وإعادة الخصم لهذه البنوك لتقليل مخاطر الأزمات الماليّة.

البنك المركزي ينفذ السياسات الاقتصادية

يعد كل من تشريع وتنفيذ السياسات الاقتصاديّة المهمة الأولى للبنوك المركزيّة.

البنك المركزي يراقب الصرف الأجنبي

يقوم البنك المركزي بجميع أنواع الأعمال التي تتعلّق بالعملات الأجنبيّة والاحتياطي وأسعار الصرف، إضافةً إلى الحفاظ على العلاقات مع البنوك المركزيّة في الدول الأخرى.

ما هي أدوات البنك المركزي؟

تستخدم البنوك المركزيّة مختلف الأدوات لتنفيذ السياسات النقديّة، وفيما يأتي أهم هذه الأدوات: ^[٥]

تعديل سعر الفائدة

يقوم البنك المركزيّ بالتأثير على أسعار الفائدة عن طريق تغيير معدل الخصم، ويعرف معدل الخصم بأنَّه معدل الفائدة الذي يُفرض من قبل البنك المركزيّ على البنوك التجاريّة للقروض قصيرة الأجل التي تمَّ منحها لهذه البنوك، فعلى سبيل المثال، عند قيام البنك المركزيّ برفع سعر إعادة الخصم على القروض الممنوحة للبنوك التجاريّة فإنَّ تكلفة اقتراض البنوك من الحكومة تزيد، وبالتالي فإنَّ البنوك التقليدية تحمّل هذا العبء على المتعاملين عن طريق رفع أسعار الفائدة المفروضة على المتعاملين الذين يسعون للحصول على تمويل من هذه البنوك، وبشكل عام ستزيد من تكلفة الاقتراض في الاقتصاد، والذي سيؤدي بشكل نهائيّ إلى خفض المعروض النقديّ، والعكس صحيح عند قيام الحكومة بفرض نسب أقل على معدل الخصم، فستزداد القروض الممنوحة بالبنوك لانخفاض تكلفة الاقتراض، والذي سيؤدي بشكل أخير إلى زيادة المعروض النقديّ.

تغيير متطلبات الاحتياطي

حيث تطلب البنوك المركزيّة من البنوك التقليديّة في الدولة وضع حد أدنى من الاحتياطات على شكل نقود يحتفظ بها البنك المركزيّ، بحيث لا تستطيع البنوك التجاريّة استخدام هذه الاحتياطيات في تقديم القروض أو تمويل استثمارات معينة في أعمال تجاريّة جديدة، مما يشكل فرصةً ضائعةً بالنسبة للبنوك التجاريّة، والذي سيؤثر على الاقتصاد عند رفع أو خفض نسبة الاحتياطيّ النقديّ، فعند قيام البنك المركزيّ بزيادة المبلغ الاحتياطيّ المطلوب من هذه البنوك ستقل مقدار الأموال المتاحة للإقراض لدى البنوك، والذي سيؤدّي إلى خفض المعروض النقديّ، والعكس صحيح عند قيام البنك المركزيّ بتقليل نسبة الاحتياطيّ النقديّ الذي سيؤدّي إلى توفير مبلغ أكبر لدى البنوك لإقراضه؛ مما يزيد المعروض النقديّ في الدولة.

عمليات السوق المفتوحة

يقوم البنك المركزي بشراء أو بيع الأوراق الماليّة التي تصدر عن الحكومة من أجل التأثير في المعروض النقديّ، فعند قيام البنوك المركزيّة بطرح سندات في السوق وشرائها من قبل الأفراد ستقل النقود الموجودة لدى الأفراد أو البنوك، فيؤدّي ذلك إلى تخفيض المعروض النقديّ، والعكس صحيح عند قيام البنوك المركزية بشراء السندات الحكومية أو شراء السندات التي تُطرح من قبل البنوك والشركات، فسيؤدّي ذلك إلى وجود تدفق نقديّ يدخل على اقتصاد الدولة، ويزيد من معروضها النقديّ.