يعرف مصطلح التضخم بأنَّه ارتفاع مستمرّ في المستوى العام للأسعار وهو المعدل الذي ترتفع به أسعار المنتجات والخدمات في الاقتصاد، وتنخفض به القوة الشرائيّة، أما الكساد فهو على عكس التضخم، ويعرف بأنَّه الركود الاقتصادي الشديد الذي يستمر لمدة ثلاث سنوات أو أكثر، ويؤدّي إلى انخفاض الناتج المحليّ الإجماليّ، أما الركود التضخميّ فهو مصطلح يستخدمه الاقتصاديون لوصف اقتصاد فيه حالة من التضخم، إضافة إلى كساد في النمو الاقتصاديّ، وهو ما سيتم تناوله في هذا المقال.[١][٢]


ما هو مفهوم الركود التضخمي؟

يشير مصطلح الركود التضخميّ Stagflation أو التضخم المصحوب بالركود أو الكساد التضخميّ إلى التضخم المصحوب بالركود الاقتصاديّ الذي يصاحبه انخفاض في النمو الاقتصاديّ والبطالة بجانب الارتفاع في معدل الأسعار، مما يعني أنَّها فترة تضخم مقترنة بانخفاض الناتج المحليّ الإجماليّ، وعادةً يمنع النمو الاقتصادي البطيء حدوث التضخم وفقًا لقواعد العرض والطلب فمع انخفاض طلب المستهلك تنخفض الأسعار وهذا ما يجعل الركود التضخمي حالةً اقتصاديّة غير عاديّة إلى حد ما؛ وذلك بسبب السياسات الحكوميّة الخاطئة التي تتدخل في وظيفة السوق، ويعد الركود التضخميّ مشكلةً اقتصاديّةً كبيرة يجب على الحكومات إيجاد علاج مناسب لحلّها.[٣][٤]


نشأة الركود التضخمي

استُخدم مصطلح الركود التضخميّ لأول مرة في الستينيات من قِبل السياسيّ البريطانيّ "ماكلويد" وذلك عندما وصف الاقتصاد بأنَّه حالة كساد كما أنَّ الركود التضخميّ يرتبط أكثر بركود السبعينات عندما شهدت الولايات المتحدة الأمريكيّة خمسة أرباع نمو سلبي للناتج المحليّ الإجماليّ بعد أزمة النفط وخلال ذلك الوقت تضاعف التضخم وارتفع معدل البطالة وكان ذلك يتعارض مع النظريات الاقتصاديّة القائمة على النظرية الكينزيّة وقد تسببت السياسات الحكومّية التي اتخذت لخفض التضخم في ارتفاع معدل البطالة وأدّت سياسات الحد من البطالة إلى زيادة التضخم ومع الركود التضخميّ اتضح للاقتصاديين أنَّ تلك النظريات ليست صحيحة في جميع الحالات، وفي القرن العشرين أدّى ظهور الركود التضخمي في جميع أنحاء العالم إلى إثبات أنَّ البيانات الاقتصاديّة الواقعية يمكن أن تتغلب أحيانًا على النظريات الاقتصاديّة.[٣]


كيفية حدوث الركود التضخمي

يحدث الركود التضخمي عندما تقوم الحكومة متمثلةً بالبنك المركزيّ بتوسيع وزيادة عرض النقد وفي نفس الوقت القيام بتقييد عرض السلع والسبب الأكثر شيوعًا هو عندما تقوم الحكومة بطباعة العملة أو عند خلق النقد الائتمانيّ فكلاهما يزيد من العرض النقديّ ويؤدي إلى التضخم وفي ذات الوقت تقوم السياسات الأخرى بتخفيض النمو، فعلى سبيل المثال؛ إذا قامت الحكومة بزيادة الضرائب، وإذا رفع البنك المركزيّ أسعار الفائدة فإنَّ كلاهما سيعملان على الحد من إنتاجيّة الشركات، والخلاصة في ذلك أنَّه عند اتخاذ سياسات توسعيّة إلى جانب سياسات انكماشيّة متضاربة يحدث الركود التضخميّ.[٥]


نظريات وأسباب الركود التضخمي

كانت بداية ظهور الركود التضخميّ تاريخيًا عند زوال النظريات الاقتصاديّة السائدة في ذلك الوقت والتي أدّت إلى قيام الاقتصادييّن بطرح عدّة عوامل حول كيفية حدوث الركود التضخمي وتم وضع النظريات المختصّة في ذلك، وهي:[٣]


أسعار النفط

تنصّ هذه النظرية على حدوث الركود التضخميّ عندما تؤدّي الزيادة في تكلفة النفط المفاجئة إلى تقليل القدرة الإنتاجيّة للاقتصاد، ففي السبعينات أصدرت منظمة الدول المصدّرة للنفط أوبك قرارًا بحظر مجموعة من الدول، وقد أدّى ذلك إلى ارتفاع الأسعار العالميّة للنفط بشكل كبير وبالتالي فقد زادت التكاليف الإنتاجيّة للسلع ونتيجة لذلك فقد ارتفع معدل البطالة.


السياسات الاقتصادية السيئة

تنصّ هذه النظرية على أنَّ الركود التضخميّ يحدث نتيجةً لسياسة اقتصاديّة سيئة، مثل؛

التنظيم القاسي للأسواق والسلع والعمالة في ظل التضخم، ويُشار إلى سياسات الرئيس الأمريكي "ريتشارد نيكسون" أنَّها أدّت إلى حدوث الركود في السبعينات وهو ما كان مقدمةً لحدوث الركود التضخميّ حيث وضع نيكسون تعريفات جمركية على الواردات وجمّد الأجور والأسعار لمدة 90 يومًا لمنع الأسعار من الارتفاع فعملت الصدمة الاقتصاديّة المفاجئة لنقص النفط والارتفاع السريع للأسعار إلى فوضى اقتصاديّة، إلا أنَّ بعض الاقتصاديين قد فسّر هذه النظرية على أنَّها السبب في الركود التضخمي في السبعينات فقط ولا علاقة لها بحدوث حالات الركود التضخميّ في فترات أخرى.


علاج الركود التضخمي

أجمع الاقتصاديون على أنَّه لا يوجد علاج نهائيّ للركود التضخميّ ولكنَّ التخفيف من هذه الحالة الاقتصاديّة أمر ممكن فيجب زيادة الإنتاجيّة إلى الحد الذي يؤدّي إلى حدوث نمو اقتصاديّ أعلى بلا تضخم إضافي وهذا من شأنه أن يخفف حدّة التضخم في الركود التضخمي.[٣]


ما هو الفرق بين الركود التضخمي والتضخم؟

يتضح الفرق بين التضخم الاقتصاديّ والركود التضخميّ في النقاط الآتية:[٦]

  • التضخم هو المعدل الذي ترتفع به أسعار السلع والخدمات في الاقتصاد بينما الركود التضخمي هو مصطلح يشير إلى اقتصاد يعاني من تضخم ومعدل نمو اقتصادي بطيء أو راكد ومعدل بطالة مرتفع نسبيًا.
  • التضخم أمر طبيعي ومتوقع وجزء من الدورة الاقتصاديّة ويمكن إدارته بينما الركود التضخميّ حالة اقتصاديّة غير عاديّة ويجب تجنّبها بأيّ ثمن.
  • التضخم له ثلاثة محفزات رئيسة أمّا الركود التضخميّ فتتنوع أسبابه ولكنّها ترجع إلى السياسات الصارمة مع زيادة العرض النقديّ.
  • التضخم الاقتصادي يمكن أن يتكرر بينما الركود التضخميّ على الأرجح أنَّه لن يحدث مرةً خرى.



المراجع

  1. Tony Daltorio (6/8/2020), "Inflation vs. Stagflation: What's the difference", investopedia, Retrieved 15/10/2021. Edited.
  2. Daniel Liberto (29/6/2021), "What Is a Depression", investopedia, Retrieved 15/10/2021. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث The investopedia team (2/8/2021), "Stagflation", Investopedia, Retrieved 15/10/2021. Edited.
  4. "Stagflation: definition, causes, and examples", Gocardless, Retrieved 15/10/2021. Edited.
  5. Kimberly Amadeo (1/7/2021), "What Is Stagflation", the balance, Retrieved 15/10/2021. Edited.
  6. Tony Daltorio (6/8/2020), "Inflation vs. Stagflation: What's the difference", Investopedia, Retrieved 15/10/2021. Edited.