ما هو الفرق بين الركود والكساد؟

دائمًا ما يتم استخدام مصطلح الركود والكساد في النشرات الاقتصاديّة وفي الحوارات التي تجري بين الاقتصاديين وفي المجتمع بشكل عام، وعادةً ما يتم الدمج بينهما في المعنى من قِبل الناس وذلك لأنَّ هذين المصطلحين يستخدمان لوصف فترات التدهور الاقتصاديّ،^[١] كما يعتقد الكثير من الناس بأنَّ الركود والكساد مفهومان متشابهان أو متطابقان، فهل يوجد فرق بين كل من الركود والكساد الاقتصادي؟ وما هو الفرق بينهما؟

ما هو الركود الاقتصادي؟

يشير مفهوم الركود الاقتصادي Recession إلى الانخفاض الكبير في النشاط الاقتصاديّ العام في منقطة معينة، ويتم تعريفه أيضًا بأنَّه حدوث تدهور اقتصادي لمدة ربعين متتاليين، ويتم تحديد حدوثه عادةً من خلال الناتج المحليّ الإجماليّ إضافةً إلى مؤشرات شهريّة مثل ارتفاع معدل البطالة؛ إذ إنَّه ينتشر على نطاق واسع، ويؤثر على كل قطاع من القطاعات الاقتصادية تقريبًا، وكتوضيح شامل للركود الاقتصاديَّ، فإنه انخفاض كبير في النشاط الاقتصاديّ يستمر لأكثر من بضعة أشهر وينعكس ذلك على الناتج المحليّ الإجماليّ الحقيقي إضافةً إلى كل من مؤشرات الدخل الحقيقيّ والعمالة إضافةً إلى الإنتاج الصناعيّ ومبيعات الجملة والتجزئة، ويبدأ الركود عندما تبدأ هذه المؤشرات في الانخفاض الطويل والمستمرّ، وينتهي عندما ترتفع مرةً أخرى ويمكن أن تستمر فترات التراجع من أشهر إلى سنوات.^[٢][٣]

ما هو الكساد الاقتصادي؟

يعرف الكساد الاقتصاديّ Depression بأنَّه حالة من الركود الحادّ الشديد طويل الأمد في النشاط الاقتصاديّ الذي يستمر لمدة ثلاث سنوات أو أكثر، بحيث يؤدّي هذا التدهور إلى انخفاض في الناتج المحليّ الإجماليّ الحقيقيّ بنسبة 10% على الأقل في سنة معينة، وتميل فترات الكساد إلى أن تكون مصحوبةً بارتفاع في معدلات البطالة وانخفاض في مستوى التضخم يرافقها انخفاض حادّ في النمو الاقتصاديّ، وعادةً ما يتم تعريف الكساد بأنَّه فترات من الركود المستمرّ لمدة أكثر من ثلاث سنوات.^[٤]

ما هو الفرق بين الركود الاقتصادي والكساد الاقتصادي؟

يتشابه كل من الركود والكساد بكونهما حالات انخفاض في النشاط الاقتصاديّ، ومع ذلك فلا يعبّر كلا المصطلحين عن نفس المعنى فالاختلافات بينهما كثيرة، وسيتم توضيح الفرق بين الركود والكساد في النقاط الآتية:

المفهوم

يمثل الركود الاقتصاديّ مرحلةً من مراحل دورة الأعمال والتي تتسم بالهبوط في النشاط الاقتصاديّ والانخفاض في كل من الإنتاج والتوظيف ويؤدي هذا الانخفاض في النشاط الاقتصاديّ إلى خفض دخل الأسرة وبالتالي انخفاض قدرتها على الإنفاق مما يعمل على تراجع العديد من الأُسر والشركات في إجراء الاستثمارات أو عمليات الشراء الكبيرة، بينما يمثل الكساد الاقتصاديّ حالةً من التراجع الكبير والحادّ في دورة العمل ويتميّز بمصاحبته لانخفاض حادّ في الإنتاج الصناعيّ وتفشي البطالة إضافةً إلى انخفاض خطير وتوقف النمو في البناء، كما يرافقه انخفاض وتراجع كبير في التجارة الدوليّة وحركات رأس المال.^[٥]

المدة

يعد الركود جزءًا طبيعي من دورة الأعمال التي تحدث خلال ربعين متتاليين على الأقل، بينما يمثل الكساد انخفاض حادّ في النشاط الاقتصاديّ يستمرّ لسنوات عديدة وليس عدّة أرباع فقط.^[٦]

التأثير على المناطق الجغرافية

يختلف الركود والكساد بأنَّ فترات الركود الاقتصاديّ قد تكون محدودة، ويمكن أن تقتصر في منطقة جغرافيّة واحدة، في حين أنَّ الكساد يمكن أن تكون فتراته طويلة جدًا، ويحدث عبر العديد من المناطق الجغرافيّة.^[٥]

الأسباب

يحدث الركود الاقتصاديّ بسبب عوامل وأحداث اقتصاديّة مختلفة مثل؛ الارتفاع المفاجئ في أسعار النفط، والتضخم الاقتصادي، والسياسة النقديّة السيئة، وانهيار السوق، كما يمكن أن يحدث الركود بسبب انهيار سوق العقارات من خلال المعايير المتساهلة للإقراض بالرهن العقاريّ، وكان ذلك سبب حدوث الركود العظيم في أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بينما يحدث الكساد الاقتصاديّ بسبب فترات الركود المتتالية في الاقتصاد، والتي تترافق مع انخفاض في الإنفاق والتصنيع والبناء، إضافةً إلى ارتفاع أسعار الفائدة ومشكلات معيار الذهب وأسعار الأسهم المبالغ فيها.^[٧]

الحدوث عبر التاريخ

حدثت 33 حالة من حالات الركود الاقتصادي المختلفة منذ عام 1854، واستمرّت فترات الركود الاقتصاديّ إلى يقارب 11 شهرًا، بينما حدثت حالة كساد اقتصاديّ واحدة فقط وهي ما عرف بالكساد العظيم واستمرّت تلك الحالة إلى ما يقارب عقدًا من الزمن.^[٨]

التأثير على الاقتصاد

يعد الكساد أكثر تأثيرًا على الاقتصاد من فترات الركود، إذ تعمل الشركات في حالة الكساد الاقتصاديّ على تقليص الاستثمار وتخفيض الوظائف، وهذا ما يؤثر على قدرة الاقتصاد على التعافي؛ فيتم إغلاق الشركات وتضييع فرص الاستثمار، ويفقد العاملون وظائفهم ومهاراتهم؛ ممّا يؤدي إلى صعوبة عودة الاقتصاد إلى عافيته، ويعني ذلك أنَّ التعافي من الكساد يتطلب وقتًا أطول مقارنةً بالركود الاقتصادي.^[٩]