يؤثر حدوث الأزمات الماليّة على العديد من القطاعات المختلفة، ففي ظل حدوث الأزمة الماليّة تنخفض أسعار الأصول انخفاضًا حادًا في القيمة، ويعجز كل من الشركات والمستهلكين عن سداد ديونهم والتزاماتهم كما وتعاني المؤسسات الماليّة من نقص في السيولة، وغالبًا ما ترتبط الأزمات الماليّة بحالات الذعر أو التدافع البنكيّ الذي يقوم من خلاله المستثمرون ببيع الأصول أو سحب الأموال من الحسابات البنكيّة، فهم يخشون أن تنخفض قيمة ممتلكاتهم إذا بقيت لدى المؤسسات الماليّة،[١] فما هي الأزمات الماليّة وما هو مفهومها؟


حدث الذعر المصرفيّ في بداية نشوء العديد من الأزمات الماليّة Financial crisis في القرن التاسع والعشرين والقرن الحادي والعشرين وأدّت الكثير من تلك الأزمات إلى حدوث الركود والكساد وانهيار سوق الأسهم وأزمة الائتمان وانفجار الفقاعات الماليّة وأزمات العملات، وغيرها العديد، وقد يقتصر حدوث الأزمة الماليّة على بلد أو قطاع واحد من الخدمات الماليّة، ويمكن أيضًا أن ينتشر إقليميًا أو عالميًا.[٢]


مفهوم الأزمات المالية

تعرَّف الأزمة الماليّة بأنَّها أي حالة يفقد فيها واحد أو أكثر من الأصول الماليّة المهمة مثل الأسهم والممتلكات العقاريّة التي تتكون من الأراضي والمباني وغيرها أو الموارد الطبيعية مثل المعادن والنفط والنباتات والمياه قدرًا كبيرًا وبشكل غير متوقع من قيمته الاسميّة، وغالبًا ما تسبقها فترات من الازدهار الاقتصاديّ والتوسّع المفرط في الائتمان الممنوح للمقترضين، بالإضافة إلى تميّز فترات الركود التي تعقبها بحدّة كبيرة أكثر من حالات الركود التي لا تسبقها أزمة ماليّة، ونتيجةً لذلك تواجه الشركات صعوبةً في الوفاء بالتزاماتها الماليّة، وتفتقر المؤسسات الماليّة إلى النقد أو السيولة أو الأصول القابلة للتحويل لتتمكن من تمويل المشاريع وتلبية الاحتياجات الفوريّة، ممّا يساهم في فقدان المستثمرين ثقتهم في قيمة أصولهم مسببًا تعرّض دخولهم وأصولهم للخطر؛ مما يجعل من الصعب عليهم سداد ديونهم.[٣]


تاريخ نشأة الأزمات المالية

بدأت أول أزمة ماليّة في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1790 عندما كان هاملتون وزيراً للخزنة حيث قام بتأسيس البنك الأول للولايات المتحدة، ثمَّ بعد ذلك بعامين قام بوضع خطة لإنقاذ ماليّ حكوميّ، وكانت حينها الأسواق قد انهارت بسبب عمليات المضاربة ونفاد العملة الصعبة، وأدى ذلك إلى حدوث أول أزمة ماليّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة، ومن ثم تلت تلك الأزمة ما يقارب 11 أزمة إضافيّة في أمريكا وعادةً ما ترتبط الأزمة الماليّة بالركود الماليّ المباشر كحدوث الكساد العظيم الأكثر شهرة في الفترة ما بين 1929 إلى 1933 وانهيار الرهن العقاريّ عام 2008.[٤]


أسباب حدوث الأزمات المالية

تحدث الأزمات الماليّة تبعًا لأسباب متعددة، ومن الأسباب التي أدّت إلى حدوث الأزمات الماليّة العالميّة ما يأتي:[٥][٦]

  • المبالغة في تقدير قيمة المؤسسات أو الأصول.
  • السلوك غير العقلانيّ من قِبل المستثمرين.
  • الإفراط في المخاطرة في ظل بيئة اقتصاديّة مستقرة.
  • الزيادة في الاقتراض من قبل البنوك والمستثمرين.
  • الأخطاء التنظيمية والسياسيّة.


أمثلة على الأزمات المالية العالمية

حدثت العديد من الأزمات الماليّة في العالم، ومن أبرزها ما سيتم تناوله في النقاط الآتية:[٧][٨]

أزمة الائتمان عام 1772

حدثت هذه الأزمة بعد فترة من التوسّع السريع في الائتمان المصرفيّ، وقد نشأت في لندن، ثمَّ انتشرت بسرعة إلى بقية أوروبا في منتصف ستينيات القرن الثامن عشر، فقد جمعت بريطانيا ثروةً هائلةً من خلال ممتلكاتها وتجارتها الاستعماريّة، وتلى ذلك حالة من التفاؤل المفرط، فحدث توسع ائتمانيّ من قبل العديد من البنوك البريطانية وبشكل مفاجئ انسحب أحد شركاء البيت المصرفيّ البريطانيّ، وهرب إلى فرنسا خوفًا من سداد ديونه، وعندما انتشر الخبر سادت حالة من الذعر المصرفيّ في إنجلترا، وبدأ العملاء بتشكيل طوابير أمام البنوك البريطانيّة للمطالبة بسحب نقديّ فوريّ ومن ثمَّ انتشرت تلك الأزمة بشكل سريع إلى اسكتلندا وهولندا وأجزاء أخرى من أوروبا.


انهيار البورصة عام 1929

بدأ انهيار البورصة في شهر أكتوبر، وشهد انهيار قوي في أسعار الأسهم بعد فترة من المضاربة في البورصة والاقتراض بهدف شراء الأسهم، وأدّى ذلك الانهيار إلى الكساد الكبير الذي استمرّت آثاره لأكثر من اثني عشر عامًا، وقد كان أحد أسباب الانهيار هو الفائض الكبير في المعروضات من محاصيل السلع؛ مما أدى إلى انخفاض حادّ في الأسعار.


الكساد الكبير عام 1929-1939

يعد الكساد الكبير أسوأ كارثة ماليّة واقتصاديّة حدثت في القرن العشرين، ويُعتقد أنَّ الكساد الكبير كان قد نتج بسبب انهيار سوق الأوراق الماليّة في وول ستريت عام 1929، وتفاقم الحال لاحقًا بسبب السياسة الحكوميّة الخاطئة للحكومة الأمريكيّة، وأسفر الكساد الكبير عن خسائر فادحة في الدخل ومعدلات البطالة المرتفعة وخسارة في الإنتاج.


أزمة نفط أوبك OPEC عام 1973

بدأت هذه الأزمة عندما قررت الدول الأعضاء في المنظمة المصدرة للبترول إيقاف تصدير النفط إلى الولايات المتحدة الأمريكيّة، فقامت المنظمة بقطع صادرات النفط بشكل مفاجئ مما أدى إلى نقص كبير في النفط وارتفاع حادّ في أسعاره، وعمل ذلك على حدوث أزمة اقتصاديّة في الولايات المتحدة والعديد من البلدان الأخرى، وتلت تلك الأزمة حدوث تضخم مرتفع للغاية رافقه ركود اقتصاديّ أطلق عليه الاقتصاديون اسم الكساد التضخمي.


الأزمة المالية العالمية 2007-2008

تعد الأزمة الماليّة العالميّة أسوأ كارثة اقتصاديّة حدثت من بعد انهيار سوق الأوراق الماليّة عام 1929 والكساد الكبير، حيث بدأت بأزمة إقراض الرهن العقاريّ عام 2007؛ ومن ثمَّ توسعت إلى أزمة مصرفيّة عالميّة نتجت بسبب توسع عملية منح الائتمان العقاريّ مع رهن العقارات؛ مما أدّى إلى انخفاض أسعار العقارات في السوق بشكل كبير، ونتيجةً لذلك فقد فشلت العديد البنوك عام 2008، وأجريت العديد من إجراءات إنقاذ الاقتصاد الضخمة للحدّ من انتشار تضرر القطاع المصرفيّ والاقتصاد، وقد عملت هذه الأزمة على دخول الاقتصاد العالميّ في حالة ركود.


المراجع

  1. Will Kenton (23/4/2021), "Financial Crisis", investopedia, Retrieved 23/10/2021. Edited.
  2. Will Kenton (23/4/2021), "Financial Crisis", investopedia, Retrieved 23/10/2021. Edited.
  3. "Financial Crisis", corporate finance institute, Retrieved 23/10/2021. Edited.
  4. Nina Semczuk (18/7/2019), "What Is a Financial Crisis?", Smart asset, Retrieved 23/10/2021. Edited.
  5. Will Kenton (23/4/2021), "Financial Crisis", investopedia, Retrieved 23/10/2021. Edited.
  6. "The Global Financial Crisis", Reserve bank of Australia, Retrieved 23/10/2021. Edited.
  7. Will Kenton (23/4/2021), "Financial crisis", Investopedia, Retrieved 23/10/2021. Edited.
  8. Peter Bondarenko, "5 of the World’s Most Devastating Financial Crises", britannica, Retrieved 23/10/2021. Edited.