يشير مصطلح التضخم Inflation إلى الزيادة المستمرّة في أسعار السلع والخدمات العامة، ويرى الكثير من عوام الناس أنَّ التضخم أمر سيء بسبب الزيادة في الأسعار؛ وهو أمر صحيح إلى حد ما ولكنَّه محدد بنوع التضخم، فهنالك تضخم جامح أو تضخم كبير جداً يؤثر على المدى الطويل بشكل سلبيّ على الاقتصاد، ويؤدّي هذا النوع من التضخم إلى انخفاض القوة الشرائيّة للفرد نتيجة ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وذلك بسبب انخفاض قيمة وحدة العملة، ممّا يؤثر بدوره على تكلفة المعيشة في الدولة، وبالتالي يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصاديّ، غير أنَّ هنالك نوعًا آخر من التضخم وهو التضخم الصحيّ حيث يتراوح معدل التضخم الصحيّ إلى (2-3٪) كما أنَّه يعد إيجابيّاً للاقتصاد لأنَّه يؤدي إلى الزيادة في الأجور وربحيّة الشركات،[١] ووفي الآتي ذكر لأهم الآثار الاقتصادية للتضخم على توزيع الدخول والثروة، والإنتاج، والدخول والعمالة، والأعمال التجارية والتجارة، وعلى الماليّة الحكوميّة، وأخيراً على النمو الاقتصاديّ.


ما هي الآثار الاقتصادية للتضخم؟

سيتم تسليط الضوء على ستة آثار رئيسة للتضخم، كما هو موضح على النحو الآتي:


آثار التضخم على توزيع الدخل والثروة

يؤثر التضخم على جميع طبقات المجتمع داخل الاقتصاد الوطنيّ، ولكن هذا التأثير يكون متفاوتًا، فالبعض يجني الكثير من الأموال بسبب التضخم والبعض الآخر يواجه مشكلات اقتصاديّة تزيد من تكلفة المعيشة عليه ويمكن أن يتأثر مستواه الاقتصاديّ انحداراً، ويسبب التضخم المزيد من عدم المساواة في توزيع الدخول والثروات؛ مما يجعل الأغنياء أكثر ثراءً والفقراء أكثر فقرًا، وفيما يأتي توضيح لتأثيره على عدّة طبقات:[٢]


الدائنون والمدينون

تقل قيمة الديون في حالات التضخم، وذلك بسبب فقدان العملة من قيمتها، فالمبلغ الذي يمكنك من الحصول على سلعة سعرها ثابت في وقت ما لن يمكنك من الحصول على نفس هذه السلعة في الوقت اللاحق، فيخسر الدائنون بسبب فقدان قيمة بعض الدين، وأمّا بالنسب للمدينين فهي نقطة إيجابيّة بالنسبة إليهم، لأنَّهم يدفعون ديونهم بعملة فقدت جزءاً من قيمتها، فيدفعون مقداراً من الأموال قيمتها أقل مما تلقونه قبل التضخم.


المنتجون والعمال

يحصل المنتجون على المزيد من الأرباح، وذلك بسبب ارتفاع أسعار السلع التي يبيعونها أو الخدمات التي يقدمونها بشكل أكبر من الزيادة في تكاليف هذه السلع أو الخدمات، فيقومون بزيادة الإنتاجيّة وكسب المزيد من الإيرادات، وعلى العكس فسيتأثر العمال بشكل سلبيّ، وذلك بسبب أنَّ الزيادة في الأسعار لن تؤدي بالضرورة إلى حدوث زيادة في أجورهم، وحتى وإن أدت إلى زيادة، فستكون هذه الزيادة لا تتناسب مع الزيادة في الأسعار، والقيمة الحقيقيّة للدخل ستقل بسبب انخفاض القيمة الحقيقيّة للعملة، وعلى صعيد آخر، سيستفيد العمال فقط بسبب الزيادة في معدلات التوظيف التي سيقوم بها المنتجون لمحاولة زيادة الإنتاج.


أصحاب الدخل الثابت

وأمّا بالنسبة للأفراد الذين يتلقون الأجور الثابتة، أو أصحاب العقارات الذين يقومون بتأجير عقاراتهم بمبلغ ثابت، إضافةً إلى المتقاعدين وغيرهم، فهم يعانون بسبب التضخم؛ نظراً لانخفاض القيمة الحقيقيّة للعملة.


المستثمرون

يحصل المستثمرون في الأسهم على عوائد نتيجة أرباح الشركات خلال السنة الماليّة، وبالتأكيد تزداد أرباح الشركات في هذه الفترة؛ بسبب ارتفاع أسعار السلع، وينعكس ذلك على ثروة المستثمرين بالأسهم، وأمَّا بالنسبة للمستثمرين بالسندات، فحالهم حال أصحاب الدخل الثابت؛ لأنَّهم يتلقون مبالغ ثابتة.


آثار التضخم على الإنتاج

تحفّز الزيادة في أسعار السلع سواءً السلع الاستهلاكيّة أو السلع الرأسماليّة والخدمات المنتجون على الزيادة في الإنتاج، وذلك بسبب توقع المنتجين الحصول على المزيد من الأرباح عند بيعهم لكميات أكبر، فيقوم المنتجون بمحاولة إنتاج المزيد من السلع باستخدام جميع الموارد المتاحة لديهم، ولكن عند وصولهم إلى مرحلة التوظيف الكامل للموارد المتاحة، فإنَّ الإنتاج سيتوقف عن الزيادة بسبب عدم وجود موارد إضافيّة يمكن استخدامها لزيادة الإنتاج، كما فإنَّ هنالك حالات يقوم بها المنتجون من إخفاء السلع لديهم في المخزون وانتظار ارتفاع أسعارها في الوقت اللاحق ومن ثمَّ بيعها في ذلك الوقت للحصول على أرباح أكبر خاصةً عند حدوث الركود التضخميّ في البلدان النامية، لأنَّ الإنتاج قد يتوقف بها تمامًا، على الرغم من ارتفاع أسعار السلع، بسبب انخفاض معدلات الطلب.[٢]


آثار التضخم على الدخل والعمالة

تقوم معدلات التضخم المناسبة والصحيّة إلى زيادة معدلات التوظيف بشكل كبير، وبالتأكيد زيادة إجمالي الدخول النقديّة؛ بسبب زيادة الدخل القوميّ الذي يقسم على عدد الأفراد، والذي يؤدّي إلى زيادة الإنتاج والإنفاق وزيادة حجم العمالة، كما أنَّ ذلك سيؤثر على أجور العمّال بشكل مباشر وعلى معدلات التوظيف التي ستصبح أعلى، وأما بالنسبة للدخل الحقيقي للأفراد، فهو يفشل في الزيادة بشكل متناسب مع الزيادة التي ستحدث في الأسعار بسبب انخفاض القوّة الشرائيّة.[٢]


آثار التضخم على الأعمال والتجارة

يزداد حجم التجارة الداخليّة للبلد في حالات التضخم، وذلك بسبب الزيادة في الدخل والإنتاج، إضافةً إلى الزيادة في الإنفاق، مع ذلك فإنَّ المشكلة تكمن في التجارة الخارجيّة؛ فتميل التجارة الخارجيّة إلى الانخفاض؛ بسبب انخفاض التصدير الناجم عن ارتفاع أسعار السلع المحليّة، فيعزف المستهلكون الخارجيّون عن شراء هذه السلع من البلد، وفي حالات التضخم، فإنَّ الأسعار ستزداد بشكل كبير مساهمةً في حصول أصحاب الأعمال على إيرادات أكبر، على الرغم من بقاء أجور العمّال على ما هي عليه قبل الزيادة، أو قد تزداد، ولكن بنسبة قليلة مقارنةً مع ارتفاع الأسعار، وكما يقول المثل القديم، أثناء التضخم تتحرّك الأسعار في السلم المتحرّك والأجور في السلالم.[٢][٣]


آثار التضخم على الماليّة الحكومية

يؤدي التضخم الصحيّ إلى زيادة الإيرادات الحكوميّة؛ بسبب حصولها على مبالغ أكبر من ضرائب الدخل وضرائب المبيعات والرسوم على الإنتاج وما إلى ذلك، وكذلك الأمر بالنسبة للإنفاق الحكوميّ الذي سيزداد بسبب زيادة المطالب بإنفاق المزيد من الأموال، ولكن ومع ارتفاع الأسعار سيقل العبء الحقيقيّ للدين العام للدولة؛ بسبب أن قيمة الدين الحقيقية تنخفض والحكومة تقوم بسداد قسط ثابت على فترات زمنيّة محددة. [٣][٢]


آثار التضخم على النمو الاقتصادي

يعمل التضخم الصحيّ ذو النسبة المقبولة على تعزيز النمو الاقتصاديّ للدولة، ويعد أمراً حتمياً ومرغوبًا فيه في حالة الاقتصاد النامي، ولكن عندما يكون التضخم جامحاً، فإنَّه يعيق النمو الاقتصاديّ بسبب قيامه برفع التكلفة المعيشيّة ورفع تكاليف المشاريع التنمويّة، بحيث يميل النمو الاقتصاديّ في هذه الحالة إلى الانخفاض؛ بسبب إبطاء معدلات تكوين رأس المال، إضافةً إلى خلق حالة من عدم اليقين في الاقتصاد.[٢][٣]


المراجع

  1. JOSHUA KENNON (30/6/2021), "What Are the Effects of Inflation on the Economy?", thebalance, Retrieved 17/10/2021. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح Nipun s, "Top 6 Effects of Inflation | Economy", economicsdiscussion, Retrieved 17/10/2021. Edited.
  3. ^ أ ب ت DAVID FLOYD (17/5/2021), "9 Common Effects of Inflation", investopedia, Retrieved 17/10/2021. Edited.