ما هي إجراءات الحد من التضخم؟

يُعد التضخم إحدى المشكلات أو الحالات المعقدة بالنسبة إلى الاقتصاد، والتي تؤثر على الجوانب الاجتماعيّة والسياسيّة في الدولة بشكلٍ كبير، ويشير مفهوم التضخم إلى انخفاض القوة الشرائيّة لعملة معينة مع مرور الوقت، وقد ينعكس التضخم على أسعار بعض السلع والخدمات خلال فترة زمنيّة معيّنة، ومع ارتفاع أسعار المنتجات، فذلك يعني أنَّ العملة المستخدمة في الدولة أصبحت تشتري كميةً أقل من المنتجات التي كانت عليها في الفترات السابقة، ويمكن القول بأنَّ التضخم هو انعكاس لمفهوم الانكماش الاقتصاديّ، وفي حال حدوثهما يتوجب على الحكومات والجهات المسؤولة عن الاقتصاد أن تقوم بالحد من تطور الأوضاع أو تدهور الحالة الاقتصاديّة بشكلٍ أكبر، ومن خلال هذا المقال سيتم توضيح الإجراءات التي تساهم في حل مشكلة التضخم والحد من التبعات السلبيّة لها.^[١]

ما هي إجراءات الحد من التضخم؟

تقوم الحكومات باتخاذ العديد من التدابير والإجراءات اللازمة لحل المشكلات الاقتصاديّة والتصدّي لها، ومن ضمن أهم هذه المشكلات حدوث التضخم، بحيث يتم استخدام أساليب مختلفة للتوصل إلى الحلول الملائمة دون التأثير بشكلٍ سلبي على أي من الجوانب الخاصة بالدولة، ويمكن توضيح هذه الإجراءات من خلال ما سيأتي ذكره:^[٢][٣][٤]

1- التدابير النقدية

وتهدف التدابير النقديّة التي تتخذها الحكومات إلى السيّطرة على الدخل النقدي، وتشمل التدابير النقديّة كل مما يأتي:

*الرقابة على الإقراض

تقوم الحكومات بدفع البنوك المركزيّة للقيام ببعض الإجراءات الخاصة في حال حدوث التضخم للتحكم بنوعيّة وكميّة الإقراض التي تقوم به البنوك بشكلٍ عام، فقد يقوم البنك المركزيّ برفع نسبة الاحتياطيّ وبيع الأوراق الماليّة أو الأسهم في البورصات والأسواق المفتوحة، بالإضافة إلى رفع أسعار الفائدة، وتجدر الإشارة إلى أنَّه من الممكن أن لا تكون الإجراءات النقديّة في الرقابة على الائتمان أو الإقراض مجدية دائمًا بحيث تعطي أفضل النتائج لحل المشكلات المتعلّقة بالعرض والطلب.

*نزع قيمة العملة

تقوم الحكومات في بعض الأحيان باللجوء إلى مفهوم نزع قيمة العملة، وهي إحدى التدابير اللازمة التي يتم اتخاذها تعاملًا مع العملات ذات الفئات الأعلى، من خلال تقليل القيمة المعطاة للعملة وسحب الأوراق النقديّة الممثلة لها من الأسواق، ويتم العمل بهذا الأسلوب في حال كان هناك نسبة عالية من الأموال السوداء في الدولة.

*إصدار عملات جديدة

يمكن الإشارة إلى هذا الحل بأنَّه الحل الأخير الذي من الممكن أن تلجأ إليه الحكومات ويمكن تعريفه بأنَّه تغيير العملات الحاليّة وإصدار عملات أخرى جديدة بدلًا من العملات القديمة، وعادةً ما يتم استبدلات عدد من فئات العملة السابقة بواحدة فقط من الجديدة، وبناءً على ذلك يتم تحديد قيمة الودائع المصرفيّة، وعليه فإنَّه يتم اعتماد هذا الإجراء عندما يكون عدد الأوراق النقديّة كبيرًا، مما يعني بصورة أخرى أنَّ التضخم في الدولة يشكل نسبةً كبيرةً، وتجدر الإشارة إلى أنَّ هذا الإجراء قد يضرّ الأفراد الذين يقومون بالودائع الصغيرة أكثر من غيرهم.

2- التدابير المالية

تعد التدابير النقديّة وحدها غير كافية لحل مشكلة التضخم في الدولة، ولذلك يتم اللجوء إلى الإجراءات الماليّة التي من شأنها أن تقوم تقييد الإنفاق الخاص بالحكومات، ونفقات كل من الاستهلاك الشخصيّ للأفراد والاستثمارات الخاصة والعامة، ويمكن تحديد هذه الإجراءات من خلال ما يأتي:

*تخفيض النفقات غير الضرورية

يجب على الحكومات في حال تعرّض اقتصاد الدولة إلى التضخم العمل على تقليل حجم الإنفاق الذي تقوم به على الأنشطة غير الضروريّة في سبيل الحد من النمو المستمر للتضخم وآثاره على الحياة داخل الدولة بشكلٍ عام، وعلى الرغم من أنَّ اعتبار هذا الإجراء مناسب نوعًا ما؛ إلا أنَّه من الصعب أن يتم التفريق بين المصاريف التي تدفع على الأنشطة الأساسيّة من الأنشطة غير الضرورية، بالإضافة إلى الحاجة لفحص الإنفاق الخاص الذي يعتمد على طلب الحكومات على السلع والخدمات.

*زيادة معدلات الضرائب

تلجأ الحكومات إلى زيادة معدلات الضرائب الخاصة بالشركات والضرائب الشخصيّة وغيرها مما يتم فرضه على السلع والخدمات على حدٍ سواء؛ وذلك لأجل تحقيق التقليل المطلوب من معدل الإنفاق الاستهلاكيّ الشخصيّ للأفراد، وفي نفس الوقت لا يجب أن تكون معدلات الضرائب عاليةً إلى الحد الذي تقلل فيه فرصة الادّخار الذي من الممكن أن يقوم به الأفراد، بل يجب توفير الحوافز المناسبة لدفع الناس إلى الاستثمار والادخار.

*زيادة المدخرات

فمن خلال تشجيع الادّخار والاحتفاظ بالمال سيقلل ذلك الإنفاق الاستهلاكيّ الشخصيّ لكل فرد، ولكن بناءً على الوضع المعيشيّ السيئ للبعض، فإنَّه من الصعب إقناع الجميع القيام بذلك، وبسبب هذا الأمر، فقد تلجأ الحكومات إلى رفع سعر الفائدة الذي يتم فرضه على القروض، بالإضافة إلى إنشاء ما يعرف بالادّخار الإجباري أو الدفع المؤجل.